logo
العالم

واشنطن أكبر مقترض.. بكين تُعيد رسم قواعد المساعدات الدولية

أشخاص يحملون أعلام أمريكا والصين في مانهاتن الأمريكيةالمصدر: رويترز

تكشف بيانات جديدة صادرة عن مختبر AidData التابع لجامعة وليام وماري الأمريكية، تمتد على 24 عامًا وتغطي أكثر من 30 ألف مشروع في 217 دولة، عن تحول جوهري في طبيعة الإقراض الصيني. 

وبحسب مجلة "نيوزويك"، فإنه خلافًا للاعتقاد السائد بأن التمويل الصيني موجّه أساسًا للبلدان النامية عبر مبادرة "الحزام والطريق"، تظهر الأرقام أن أكثر من ثلاثة أرباع القروض الخارجية للصين باتت تتجه نحو الدول الغنية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة نفسها.

وبلغ إجمالي الإقراض الصيني بين 2000 و2023 نحو 2.2 تريليون دولار، وهي محفظة مالية قال التقرير إنها أكبر بمرتين إلى أربع مرات مما كان يُعتقد سابقًا. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ

من الرسوم إلى السموم.. كيف أصبح الفنتانيل عنوان الصراع الأخطر بين أمريكا والصين؟

ويشير الباحثون إلى أن هذا التوسع لا يهدف فقط إلى دعم التنمية، بل لتعزيز القوة الوطنية للصين عبر السيطرة على أصول حيوية وتكنولوجيات متقدمة.

الولايات المتحدة في صدارة المقترضين

وفق التقرير، جاءت الولايات المتحدة على رأس قائمة الدول المتلقية للقروض الصينية بإجمالي 202 مليار دولار موزعة على نحو 2500 مشروع في مختلف الولايات؛ تلتها روسيا (172 مليار دولار)، ثم أستراليا (130 مليار دولار)، وفنزويلا (106 مليارات دولار).

ورغم أن حجم الاقتصاد الأمريكي يجعلها وجهة طبيعية للاستثمارات الخارجية، إلا أن التقرير يسلّط الضوء على بُعد استراتيجي بالغ الأهمية:

تركّز القروض إلى الدول الغنية على البنية التحتية الحيوية، والمعادن الأساسية، والأصول التكنولوجية عالية القيمة، مثل شركات أشباه الموصلات ومشاريع الطاقة المتقدمة.

وقال براد باركس، المدير التنفيذي لـAidData: "الصين تستخدم الحكمة الاقتصادية لخدمة أهداف سياسية واضحة، عبر مواءمة الإقراض مع تعزيز قوتها التكنولوجية والصناعية وتجاوز الولايات المتحدة والدول الغربية".

بكين تُعيد رسم قواعد المساعدات الدولية

ويكشف التقرير أن الأسلوب الاستراتيجي للإقراض الصيني بات يؤثر مباشرة على سياسات الولايات المتحدة والدول الغربية، التي بدأت تعيد النظر في أدوات المساعدة التقليدية.

أخبار ذات علاقة

هيغسيث خلال اجتماع وزراء دفاع رابطة دول جنوب شرق آسيا

أمريكا والصين تتفقان على فتح قنوات اتصال عسكرية لتهدئة الصراعات

ومن أبرز الأمثلة، خطة الإنقاذ الأمريكية بقيمة 20 مليار دولار للأرجنتين، والتي قال التقرير إنها مستوحاة من النهج الصيني، وسعي إدارتَي بايدن وترامب لتمويل عمليات استحواذ على حصص ملكية في أصول حيوية في دول متقدمة، تشمل، ميناء بيريوس في اليونان، ورواسب تانبريز للمعادن النادرة في غرينلاند، وقناة بنما، وميناء داروين في أستراليا.

كما يرى التقرير أن هذا التحوّل جزء من منافسة استراتيجية واسعة مع الصين، حيث لم يعد التمويل الغربي يقتصر على التنمية بل دخل مجال الأمن القومي والسيطرة على سلاسل التوريد الحساسة.

ضغوط صينية تغيّر بنية المساعدات الغربية

تزامن هذا التحول مع تفكيك إدارة ترامب للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وطرح مقترحات بتوجيه التمويل نحو وكالة أخرى هي مؤسسة التمويل الإنمائي الدولية الأمريكية (DFC).

ويناقش مشرعون أمريكيون رفع سقف إقراض DFC من 60 مليار دولار إلى 250 مليار دولار، بهدف منحها قدرة أكبر على العمل في الدول الغنية ومنافسة الصين على الأصول الاستراتيجية.

لكن رغم التحولات الغربية، يخلص التقرير إلى أن الصين ما زالت تمتلك "ميزة بنيوية"؛ فالنظام السياسي الصيني يسمح للحكومة بتوجيه الشركات الوطنية بما يخدم أهداف الأمن القومي، بينما تفتقر الدول الغربية الديمقراطية إلى القدرة على فرض مواءمة مشابهة.

ويؤكد الباحثون أن هذه القدرة على دمج التمويل بالاستراتيجية الصناعية والأمنية جعلت الصين لاعبًا دوليًا مؤثّرًا، ودفع الغرب إلى إعادة التفكير جذريًا في أدوات القوة الاقتصادية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC