دار جدل كبير حول إمكانية اعتماد الديمقراطيين على حاكم ولاية كاليفورنيا، غافن نيوسوم، ليعمل على حل أزمة القيادة في المرحلة المقبلة وأن يكون الرهان عليه في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2028، وسط ما يتمتع به من كاريزما عالية، وحضور إعلامي قوي، وقدرة لافتة على التواصل والإقناع.
وقال خبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن الحزب الديمقراطي في حاجة ماسة إلى قيادة جديدة تمثل روح التجديد والتطور، حيث يعاني من غياب القيادات الشابة القادرة لتكون بديلة للقيادات التقليدية المتقدمة في السن مثل هيلاري كلينتون، جو بايدن، نانسي بيلوسي، وبحاجة أيضا إلى هوية واضحة وسياسات محددة وحلول عملية للمشكلات التي يعاني منها المواطن الأمريكي.
ووضع نيوسوم الذي يبلغ من العمر 58 عاما، في قالب قائد قادم منتظر للديمقراطيين بشكل واضح عبر عدة مشاهد من بينها نجاحه في مقاومة مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إعادة رسم حدود الدوائر الانتخابية لمجلس النواب في تكساس، لكن ما زاد من شعبيته أصداء سخريته من ترامب بسبب الحملات التي قام بها الأخير لمداهمة المهاجرين
وفي استطلاع رأي للناخبين الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية من كلية إيمرسون، تقدم نيوسوم بفارق كبير على منافسيه الرئيسين: هاريس ووزير النقل السابق بيت بوتيغيغ، بعد أن كان في المركز الثالث، في استطلاع سابق أجري بالمواصفات نفسها في يونيو 2024.
ويقول المحلل السياسي بالحزب الديمقراطي، دينس جيف، إن جافين نيوسوم حاكم كاليفورنيا، أكبر ولاية في البلاد، وهذا من شأنه أن يساعده إذا ترشح للرئاسة، لاسيما أنه قاد مؤخرا جهودا ناجحة لمقاومة مخطط ترامب لإعادة رسم حدود الدوائر الانتخابية لمجلس النواب في تكساس.
وأضاف جيف في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن فوز نيوسوم بموافقة الناخبين على إعادة رسم الدوائر الانتخابية في كاليفورنيا، سيكون له أثر كبير في منح الديمقراطيين فرصة أقوى لاستعادة الأغلبية في مجلس النواب عام 2026.
وأفاد جيف أن الديمقراطيين في حاجة إلى تغيير ثلاث دوائر انتخابية فقط ليصبحوا حزب الأغلبية في مجلس النواب، في وقت لا يزال فيه السباق الرئاسي لعام 2028 مبكرا جدا.
وبين جيف أن قائمة المرشحين الأقوياء طويلة، وبعبارة أخرى، يمتلك الحزب الديمقراطي قاعدة عريضة من المرشحين الأقوياء المحتملين للرئاسة بجانب نيوسوم، وهم قادرون على المنافسة ، ومنهم نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس، ووزير النقل السابق بيت بوتيغيغ، وحاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو، وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيوغيرسي كوري بوكر، وحاكم ولاية ماريلاند ويس مور، وحاكم ولاية إلينوي جيه بي بريتزكر، وحاكمة ولاية ميشيغان غريتشن ويتمر، وكريس مورفي من ولاية كونيتيكت.
وتابع جيف بالقول إن كامالا هاريس قبل عام من الآن، خسرت الانتخابات الرئاسية أمام دونالد ترامب، ولو حصلت على ما يقارب 1% فقط من الأصوات الإضافية في 3 ولايات رئيسة، لكانت فازت بالكرسي الرئاسي، وبالطبع كان الديمقراطيون يدركون أن تولي ترامب ولاية رئاسية أخرى ستكون عواقبها كارثية، وأصيبوا بالفعل بخيبة أمل كبيرة.
واستكمل جيف أن الديمقراطيين ارتكبوا أخطاء جسيمة في السباق ضد ترامب العام الماضي، فقد فشلوا في تقديم برنامج مقنع لما سيفعلونه لتحسين حياة الناس، حيث كان الديمقراطيون منفصلين عن الواقع؛ وهو ما عكس خسارة الحزب، في وقت جاء فيه فوز ترامب الذي لم يكن صاحب الشعبية الكبيرة، ولكن الناخبين تعاملوا معه على أنه أمل لتخفيف أعباء الناس، ولذلك من المهم تجهيز البرنامج المناسب أمام الناخبين.
فيما يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة نيويورك، البروفيسور رسلان إبراهيم، أن أزمة القيادة في الحزب الديمقراطي معقدة وأكبر من أي شخص أو مسؤول بارز داخل الحزب؛ لأن المشكلة ليست شخصية أو مرتبطة بقائد بعينه، بل هي بنيوية تتطلب إعادة هيكلة الحزب، والاتفاق على رؤية واضحة وهوية محددة واستراتيجية واضحة للانتخابات المقبلة.
وأوضح رسلان لـ"إرم نيوز"، أن الحزب الديمقراطي بحاجة ماسة إلى قيادة جديدة تمثل روح التجديد والتطور، حيث يعاني من غياب القيادات الشابة القادرة لتكون بديلة للقيادات التقليدية المتقدمة في السن مثل هيلاري كلينتون، جو بايدن، نانسي بيلوسي، وبحاجة أيضا إلى هوية واضحة وسياسات محددة وحلول عملية للمشكلات التي يعاني منها المواطن الأمريكي.
ولفت إلى أن هناك انقساما داخل الحزب بين التيار الوسطي التقليدي والتيار التقدمي اليساري؛ الأمر الذي يعرقل الاتفاق على هوية موحدة ورؤية مستقبلية واضحة، مشيرا إلى أن الديمقراطيين ركزوا في الانتخابات الأخيرة بشكل كبير على شخصية دونالد ترامب، لتخويف الناخب الأمريكي من تهديداته للنظام الديمقراطي وسيادة القانون، وهذا التركيز المفرط أدى إلى تهميش رؤية الحزب نفسه في القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية.
وانتقل أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية للحديث عن إمكانية نجاح حاكم ولاية كاليفورنيا في معالجة أزمة القيادة، فقال إن الأزمة أكبر من أي شخص أو قائد، فهي أزمة هيكلية بنيوية تتطلب إعادة هيكلة الحزب، والاتفاق على هوية واستراتيجيات وسياسات جديدة استعدادا للانتخابات القادمة.
ورغم ذلك، أكد رسلان على أن حاكم كاليفورنيا يمتلك عدة نقاط قوة، أبرزها تمتعه بكاريزما عالية، وحضور إعلامي قوي، وقدرة لافتة على التواصل والإقناع، إضافة إلى خبرة تنفيذية واسعة اكتسبها من إدارته لولاية كاليفورنيا، كما أنه يتبنى سياسات تقدمية في مجالات مثل حماية البيئة والعدالة الاجتماعية، لكنه يقدمها بصورة براغماتية واقعية؛ ما يجعله قادرا على الجمع بين الجناحين التقدمي والوسطى داخل الحزب الديمقراطي.
لكن في المقابل، لفت إلى أن الجناح التقدمي اليساري يرى أن حاكم كاليفورنيا لا يمثل التغيير الجذري المطلوب في المجتمع الأمريكي رغم خطابه الليبرالي التقدمي، في وقت ترتبط فيه سمعة ولاية كاليفورنيا بمشكلات التشرد وارتفاع تكاليف المعيشة؛ ما يشكل أمامه عائقا حال خوضه الانتخابات المقبلة.
وتابع رسلان بالقول إن نيوسوم ينتمي إلى ولاية ديمقراطية تقليديا، في حين أن الحزب الديمقراطي يحتاج الفوز في الولايات المتأرجحة، مؤكدًا أن هناك من يرى أن المرشح القادم من ولاية متأرجحة سيكون أكثر حظًا من مرشح يمثل ولاية ديمقراطية ثابتة مثل كاليفورنيا.