ملاذ عماد
أعلن رئيس الكاميرون بول بيا، يوم أمس الأحد، عزمه الترشح إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، في خطوة يسعى من خلالها إلى تمديد فترة حكمه المستمرة منذ نحو 43 عامًا عبر ولاية ثامنة.
وقال بيا، البالغ من العمر 92 عامًا، في منشور عبر منصة "إكس" باللغتين الفرنسية والإنجليزية: "أنا مرشح للانتخابات الرئاسية في 12 أكتوبر 2025. ثقتي في قدرتنا على تجاوز التحديات لا حدود لها، والأفضل قادم".
ويمثل بيا حزب "الحركة الشعبية الديمقراطية الكاميرونية" الذي يتزعمه منذ سنوات، رغم أن شعبيته شهدت تراجعًا مؤخرًا، حيث ابتعد عنه بعض من أبرز حلفائه، وانشق اثنان من قياداته خلال الأسابيع الماضية.
ورغم هذا التراجع في الدعم لا تزال المعارضة تعاني من الانقسام وعدم قدرتها على الاتفاق حول مرشح موحد.
ويتولى بول بيا الحكم منذ عام 1982، بعد أن شغل منصب رئيس الوزراء لمدة 7 سنوات، ورغم تقدمه في العمر يقضي معظم وقته مع زوجته خارج البلاد، وبالتحديد في سويسرا.
والعام الماضي، حظرت الحكومة الكاميرونية رسميًا تداول أي أخبار أو تكهنات حول وضع بيا الصحي.
وأفاد الباحث الأكاديمي والمحلل، منتصر كمال، أنه رغم أن الكاميرون تعد رسميًا دولة متعددة الأحزاب، إلا أن المشهد السياسي يعاني من قيود صارمة على أحزاب المعارضة والمجتمع المدني والحريات في بلد يشكل الشباب دون سن الـ19 غالبية سكانه.
وأشار كمال، لـ"إرم نيوز"، إلى أن إعلان الرئيس بول بيا الترشح لولاية جديدة يُعمّق حالة الجمود السياسي التي تعيشها الكاميرون منذ سنوات، ويؤكد استمرار هيمنة النخبة الحاكمة على مفاصل السلطة.
واعتبر أن هذا القرار يعزز مناخ انعدام الثقة بين الحكومة والمعارضة، ويفاقم الشعور بالإحباط لدى شريحة واسعة من الشباب، الذين يرون أن البلاد رهينة لأطول الأنظمة الحاكمة في إفريقيا.
وأوضح كمال أن هذا الترشح يعكس ضعف البدائل السياسية الحقيقية في ظل انقسامات المعارضة وعدم قدرتها على تقديم مرشح موحد، لافتًا إلى أن استمرار بيا في الحكم يهدد بإعادة إنتاج الأزمات نفسها من تدهور اقتصادي وتضييق الحريات واستمرار النزاعات المسلحة في الأقاليم الناطقة بالإنجليزية.
وأردف: "كما يزيد من الضغوط الدولية على ياوندي بشأن الإصلاحات السياسية، كل ذلك يجعل من الانتخابات المقبلة اختبارًا حقيقيًا لمستقبل الاستقرار في البلاد".
من جانبه، أشار الباحث والمحلل الأكاديمي المختص بالشأن الإفريقي، خالد عبد الله، إلى أن المعارضة في الكاميرون تواصل اتهام الحكومة بالتلاعب بنتائج الانتخابات السابقة.
ويشير عبد الله إلى انتخابات عام 2018 حين أعلنت النتائج الرسمية فوز بول بيا بنسبة 71% مقابل 14% فقط لأقرب منافسيه، هو ما اعتبرته المعارضة دليلًا على تزوير إرادة الناخبين.
واعتبر أن هذا الجمود انعكس سلبًا على مؤسسات الدولة، التي باتت رهينة لقرارات نخبة حاكمة ترفض فتح المجال أمام مشاركة سياسية أوسع.
وأكد عبد الله أنه في ظل هذا الوضع، تتراجع فرص الإصلاح وتتفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، ويبتعد الشباب أكثر عن العمل السياسي وأي تحول ديمقراطي حقيقي.