حذر تقرير صدر حديثًا عن مركز الأمن الأمريكي الجديد من احتمال أن تواجه القوات الأمريكية هجومًا بكثافة غير مسبوقة من أسراب الطائرات المُسيّرة في حال اندلاع صراع مع الصين، مشيرًا إلى أن البنتاغون فشل حتى الآن في إعطاء أولوية كافية لأنظمة الدفاع المضادة للطائرات المسيرة بالحجم والسرعة اللازمين.
ويقول مؤلفا التقرير، ستايسي بيتيجون ومولي كامبل، إن جهود وزارة الدفاع لتطوير قدرات مضادة للطائرات المسيرة "أعاقها عدم كفاية النطاق والإلحاح"، رغم الإنفاق الكبير على برامج مكافحة الطائرات المسيرة خلال السنوات الأخيرة.
كما يبرز التقرير مفارقة مقلقة: تنفق القوات مبالغ طائلة على أسلحة موجهة دقيقة لا تتناسب تكاليفها مع تهديد طائرات مسيرة رخيصة الثمن، بينما تظل التقنيات الواعدة مثل أسلحة الليزر والموجات الدقيقة عالقة في مراحل أولية أو نماذج أولية دون نشر واسع.
وقد أظهرت معارك حقيقية، مثل المواجهات البحرية في البحر الأحمر، أن استخدام صواريخ باهظة الثمن لتدمير طائرات مسيرة رخيصة هو نهج غير مستدام تكتيكيًا وماليًا.
تقول الدراسة إن الصين خصصت موارد هائلة لتطوير وشراء أسراب من الطائرات الهجومية الصغيرة أحادية الاستخدام، مع تقارير تفيد بأنها طلبت نحو مليون طائرة هجومية لتسليمها بحلول عام 2026، ما يشير إلى استعداد بكين لإنتاج كميات ضخمة من المنصات غير المأهولة.
وتعتمد استراتيجية الصين على التكامل بين القطاعين المدني والعسكري للاستفادة من خطوط الإنتاج التجارية لرفع حجم المخزون بسرعة، وتعلمت الدروس من تجارب الحرب في أوكرانيا، جاعلة من القدرات غير المأهولة عنصرًا محوريًا في خططها التشغيلية.
ويحذر التقرير من أن اعتماد الولايات المتحدة على بنية دفاعية مفردة أو حلول مكلفة فقط سيترك القوات عرضة لهجمات جماعية متزامنة.
وأظهر تمرين محاكاة نفذه فريق الدفاع أن الصين قادرة على مزج أنواع متعددة من الطائرات المسيرة لدعم هجمات متزامنة داخل سلسلة الجزر الأولى، ما سيضطر الولايات المتحدة إلى توفير مخزون واسع من أنظمة الاستشعار والاعتراض متعددة الطبقات لحماية القواعد والقوات المبعثرة.
التوصية الجوهرية للتقرير أن الولايات المتحدة بحاجة إلى تحوّل في الاستراتيجية: استثمار أكبر وبسرعة في أنظمة مضادة للطائرات المسيرة مجربة، وبناء شبكة معقدة من الدفاعات النشطة والسلبية المتكاملة.
ويتضمن ذلك إلحاق الذكاء الاصطناعي والبيانات لتعزيز عمليات الاشتباك، وتسريع تحويل نماذج الليزر والموجات الدقيقة إلى أنظمة تشغيلية موزعة على نطاق واسع، وزيادة المخزون من وسائل الاعتراض الرخيصة نسبيًا التي يمكنها التعامل مع هجمات بكتل كبيرة دون استنزاف الموارد المالية.
كما أقرّ القادة العسكريون بوجود ثغرات: فالحرب الإلكترونية والقدرات المتكاملة باتت ضرورة، لكن التطبيق بطيء ونطاقه محدود.
كما أن الاعتماد على ذخائر مكلفة لمواجهة أهداف رخيصة لن يكون مجديًا، وبالتالي يجب موازنة الإنفاق بين أنظمة دفاع متطورة ومخزونات بسيطة قابلة للتكاثر.
وأشار التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسّن سرعة ودقة الاستجابة لهجمات أسراب الطائرات المسيرة، لكنه لا يزال في طور التطوير ويتطلب تكاملًا عمليًا سريعًا.
إلى جانب ذلك، تبنّى بعض القادة فكرة الردّ بالمثل عبر أسراب طائرات مسيرة أمريكية رخيصة لتعطيل قوى الخصم و"كسب الوقت" في سيناريوهات حرب بحرية أو هجومية؛ لكن هذا الخيار يتطلب أيضًا استعدادًا لوجستيًا وصناعيًا لإنتاج ونشر عشرات الآلاف من المنصات إن لزم الأمر.
ويضع التقرير إنذارًا صارخًا أمام القادة الأمريكيين، أنه إذا لم تتحول الاستثمارات إلى نشر واسع لأنظمة مضادة للطائرات المسيرة متعددة الطبقات، وتُعالج مشكلة التكلفة مقابل الفاعلية في إجراءات الاعتراض، فقد تجد القوات الأمريكية نفسها غارقةً في مواجهة أسراب طائرات مسيرة رخيصة ولكن مدمرة، مع مخاطر فقدان المبادرة أو خسارة سيناريوهات حاسمة مثل معركة تايوان.
إن التحوّل ممكن تقنيًا، لكنه يتطلب أولوية سياسية وميزانية وتسريعًا في التبني العملي، وإلا فستصبح ساحات المستقبل "جحيمًا بلا طيار" لا تُحسد عليه، كما تصور بعض المسؤولين.