ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء

logo
العالم

انفجارات الشمال و"درونز" الجنوب.. حرب روسيا وأوكرانيا تدخل فصلاً جديداً

من الهجوم الأخير على سومي الأوكرانيةالمصدر: رويترز

من بين الدخان الكثيف الذي تصاعد من قلب مدينة سومي في شمال شرقي أوكرانيا، والانفجارات التي هزت المدينة الحدودية، ارتسمت ملامح مرحلة جديدة للحرب الروسية الأوكرانية، في تطورات تتقاطع فيها الحسابات العسكرية مع رهانات التفاوض.

ومما زاد المشهد تعقيدًا خلال الأيام الماضية، أن القوات الروسية أعلنت تدمير مركز أوكراني كبير للتحكم في الطائرات المسيرة قرب خيرسون، باستخدام لغم مضاد للدبابات مُثبت على طائرة هجومية مسيرة، وهو ما يكشف عن استمرار التكتيك الروسي لاستهداف البنية التحتية للطائرات بدون طيار الأوكرانية.

في موازاة ذلك، تطفو على السطح أزمة ديموغرافية خطيرة في أوكرانيا، خاصة مع تحذير وزير الخارجية الأوكراني السابق، دميتري كوليبا، في مقطع فيديو، من "الهجرة الجماعية للشباب" بين 18 و22 عامًا.

وأشار كوليبا إلى أن أوكرانيا قد تضطر إلى فتح حدودها أمام مهاجرين من آسيا، وبنغلاديش، ونيبال، والهند، والفلبين، وفيتنام؛ لتعويض هذا النزيف البشري، وأن هذه المخاوف تعكس تأثير الحرب طويل الأمد على المجتمع الأوكراني، بما قد يهدد استقرار الدولة على المدى البعيد.

وفي ذات السياق، أفادت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بات مقتنعًا بأن التصعيد العسكري هو الوسيلة الأكثر جدوى لفرض شروطه على طاولة المفاوضات، وذلك في ظل اعتقاده بأن نظيره الأمريكي دونالد ترامب لن يقدم على خطوات كبيرة لتعزيز الدفاعات الأوكرانية. 

أخبار ذات علاقة

جندي أوكراني في سومي

المعادلة في سومي تتغير.. هل تحقق هجمات أوكرانيا اختراقا لتحسين شروط التفاوض؟

رمزية النجاحات الروسية

من جانبها، رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الهجوم الأوكراني المضاد في سومي حقق نجاحًا نادرًا في ساحة معركة يسيطر عليها الروس، وأن المكاسب قد تبدو محدودة من الناحية الجغرافية، لكنها رمزية في دحض رواية موسكو حول حتمية تقدمها المستمر. 

وتحولت القرى التي استعادت أوكرانيا السيطرة عليها في سومي إلى أنقاض بفعل القصف الروسي المتواصل.

وأظهرت لقطات جوية من طائرة بدون طيار أن مناطق بأكملها لم تعد صالحة للحياة في منطقة سومي.

وأشارت تسريبات إلى أن موسكو قد تطرح مبادلة أراضٍ استولت عليها في سومي بمقابل في دونيتسك ضمن اتفاق سلام، وهي فكرة أيدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكن كييف ترفض هذه الطروحات، إذ يرى خبراء محليون أن "استعادة الأراضي" خير رد على مقترحات التبادل، وأن أي تنازل سيضعف شرعية السلطة الأوكرانية داخليًا وخارجيًا.

ويرى الخبراء أن التصعيد الغربي المتزايد والتهديدات باندلاع مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، إضافة إلى استمرار الدعم العسكري الغربي لكييف، جعلت موسكو ترى أن الحسم العسكري هو خيارها الوحيد، وهو ما يفسر الضربات الروسية المكثفة الأخيرة التي طالت سومي  شمالي أوكرانيا، ومراكز تصنيع المسيّرات في كييف، وحتى مواقع في غرب البلاد مثل "لفوف". 

وأضاف الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن المشهد الراهن يكشف تحول الصراع إلى "حرب استنزاف طويلة الأمد"، إذ تسعى روسيا للتقدم نحو زابوريجيا، بينما تواصل أوكرانيا هجماتها بالطائرات المسيّرة مستهدفة قطاع الطاقة. 

وأكدوا أن الولايات المتحدة بدأت تفقد حماسها لاستمرار الحرب، فيما يتمسك الأوروبيون بالدعم العسكري لكييف، ما يطيل أمد الأزمة التي دخلت عامها الرابع دون أي أفق لتسوية سياسية.

تقلص الحلول السياسية

وبهذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة موسكو، د. نزار بوش، إن التصعيد الغربي، خصوصًا من بريطانيا إلى جانب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن استعداد الولايات المتحدة للدفاع عن الاتحاد الأوروبي والحلف، كلها مؤشرات على أن الأزمة تتجه نحو مزيد من التعقيد، وتقلص فرص الحلول السياسية.

وأضاف بوش، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن فشل المفاوضات حتى اللحظة بين موسكو وكييف لم يترك أمام روسيا سوى خيار الحسم العسكري، معتبرًا أن ما نشهده اليوم من ضربات روسية مكثفة على الأراضي الأوكرانية، لا سيما المنشآت العسكرية، ومصانع الصواريخ والأسلحة، ومحطات الطاقة، ومرافق تصنيع المسيرات، يأتي كرد مباشر على استمرار الدعم الغربي لكييف وغياب أي رؤية سياسية لإنهاء الحرب.

وأشار إلى أن موسكو باتت ترى أن التصعيد هو الطريق الوحيد لإيقاف تدفق السلاح والمقاتلين الأجانب إلى أوكرانيا، مؤكدًا أن الجيش الروسي يعمل على تدمير كل ما يدخل الأراضي الأوكرانية من معدات عسكرية أو قوى بشرية، بما في ذلك "المرتزقة" الذين قُتل عدد كبير منهم، حسب تعبيره، على الأراضي الأوكرانية.

وأوضح بوش أن روسيا تحقق تقدمًا على مختلف جبهات القتال، حيث استهدفت مراكز عسكرية مهمة في مدينة سومي، الواقعة على الحدود الروسية الأوكرانية، إضافة إلى مواقع لتخزين الأسلحة والطائرات المسيرة ومصانع الصواريخ في العاصمة كييف. 

وتابع: "العمليات العسكرية الروسية امتدت إلى غرب أوكرانيا، بما في ذلك مدينة لفوف، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من الغرب، ورافقه اتهام روسي باختراق الأجواء البولندية بطائرات مسيرة، دون أن تقدم أي جهة غربية أدلة ملموسة على ذلك".

وأكد بوش أن روسيا ماضية في طريق الحسم العسكري، ولن تتنازل عن أهدافها، وعلى رأسها تحييد أوكرانيا، ونزع سلاحها، ومنع انضمامها إلى حلف الناتو، مشيرًا إلى أن موسكو تسيطر حاليًا على أكثر من 20% من الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم والمقاطعات الأربع في الشرق الأوكراني.

أخبار ذات علاقة

جنود أوكرانيون في ساحة الحرب

زيلينسكي يعلن تقدم قوات أوكرانيا في سومي وتكبيد روسيا خسائر فادحة

 "حرب مدن"

من جانبه، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، د. نبيل رشوان، إن ما نشهده حاليًا هو "حرب مدن" بين روسيا وأوكرانيا تُستخدم فيها المسيرات بشكل مكثف، وأن الجانب الأوكراني يقوم بتغيير مسارات هجماته الجوية، مستهدفًا بشكل خاص مناطق تكرير النفط بهدف شل حركة الجيش الروسي بحرمانه من الوقود والطاقة.

وأكد رشوان، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن أوكرانيا شنت مؤخرًا هجمات على بعض المنتجعات في شبه جزيرة القرم، في الوقت الذي لا تزال فيه روسيا تتقدم بحذر على مختلف جبهات القتال، مع سيطرتها على الجزء الشرقي من أوكرانيا.

وتابع: "روسيا تسعى للسيطرة على مدينة زابوريجيا، لكن الأمر يبدو صعبًا ومعقدًا في ظل المقاومة الأوكرانية وتحصين المواقع القتالية في تلك المنطقة".

وأوضح رشوان أن الوضع الميداني الراهن يعكس تحوّل الحرب إلى نمط استنزاف طويل الأمد، قائلًا: "نحن أمام حرب تآكل، حيث لا يحقق أي من الطرفين انتصارًا حاسمًا، وهذا النمط من الحروب يُرهق الاقتصاد ويُضعف القدرة السياسية على اتخاذ قرارات استراتيجية".

وفيما يتعلق بالمسار الدبلوماسي، بين رشوان أن الجهود السياسية متوقفة تمامًا، مؤكدًا أن الولايات المتحدة بدأت تفقد حماسها لاستمرار الحرب، خاصة في ظل تمسك الأوروبيين بمواصلة الدعم العسكري لأوكرانيا، ما يساهم في إطالة أمد الصراع إلى أجل غير معروف.

وأشار رشوان إلى أن جبهات القتال لم تشهد تحولًا نوعيًا رغم أن الحرب تقترب من دخول عامها الرابع، باسثتناء سيطرة روسيا على المقاطعات الأربع التي أعلنت ضمها في وقت سابق، مؤكدًا أن المشهد العام لا يزال مفتوحًا على كل الاحتمالات.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC