أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية عن تغييرات في المناصب الرئيسية في مديريتها لأفريقيا والمحيط الهندي (DAOI)، في 12 من الشهر الجاري، وهو ما وصفته صحيفة "لوموند" بأنه جاء مفاجئاً ومثيراً للتكهنات.
وقالت الصحيفة الفرنسية إن مدير DAOI المنتهية ولايته، كريستوف بيجوت، علم باستبداله بالسفيرة الفرنسية الحالية لدى نيجيريا، إيمانويل بلاتمان، أثناء مشاركته في مناقشات بشأن الصومال في الأمم المتحدة في نيويورك.
وأضافت أنه رغم تأكيد الوزارة أن هذه الخطوة ليست "عقوبة"، فإن التغيير المفاجئ يدل على تحول إستراتيجي بالنسبة لفرنسا، في أعقاب الأزمات المتكررة في منطقة الساحل، والتراجع الملحوظ في النفوذ الفرنسي بالمنطقة.
وبحسب "لوموند"، فإن كريستوف بيجوت دبلوماسي يبلغ من العمر 58 عامًا، ويتمتع بخلفية في المديرية العامة للأمن الخارجي (DGSE)، وله أدوار سابقة، إذ كان سفيراً لبلاده لدى السنغال، ومبعوثاً خاصًّا إلى منطقة الساحل، وتم تكريمه لخبرته منذ انضمامه إلى المديرية العامة لأفريقيا عام 2020.
ومع ذلك، ظهرت انتقادات داخل الوزارة فيما يتعلق بإدارتها للأزمات الأخيرة والبعثات الخارجية المتكررة، بما في ذلك واحدة خلال انقلاب النيجر في آب الماضي، إذ عجل هذا الحدث برحيله عن مديرية أفريقيا، وفق الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن توقيت هذه التغييرات يعد أمرًا بالغ الأهمية؛ نظرًا للانقلاب الأخير في النيجر، الحليف الرئيس لفرنسا في الحرب ضد الإرهاب في منطقة الساحل، مؤكدة أن المشهد السياسي في المنطقة يشهد تحولًا، إذ يعبر القادة العسكريون عن مشاعر معادية لفرنسا، ويتجهون نحو روسيا، ويشككون في الاتفاقيات مع باريس، لا سيما في المجال العسكري.
وقالت الصحيفة إن الحكومة الفرنسية، بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون، واجهت وضعًا دقيقًا، إذ وقفت بثبات في دعم رئيس النيجر المخلوع، ورفضت الاعتراف بالمجلس العسكري.
وأضافت أنه رغم تصريحات ماكرون القوية والتزامه في المواجهة الدبلوماسية، إلا أن النتيجة كانت في صالح القادة العسكريين.
وبينت "لوموند" أن طرد السفير الفرنسي وانسحاب القوات الفرنسية من النيجر يشكل انتكاسة كبيرة لنفوذ فرنسا في المنطقة، على النقيض من موقف الدول الغربية الأخرى، لافتة إلى أن التحديات الدبلوماسية في منطقة الساحل دفعت إلى الحاجة لتغيير الإستراتيجية؛ ما أدى إلى إعادة ترتيب المناصب الدبلوماسية الرئيسة.
وأوضحت الصحيفة أن التعيينات الجديدة تشمل جيريمي روبرت، الذي رفض في البداية منصب مستشار أفريقيا، لكنه قبله فيما بعد، فيما تتولى إيمانويل بلاتمان منصب رئيس إدارة أفريقيا، بينما تنتقل آن كلير ليجيندر من دور المتحدث الرسمي في وزارة الخارجية لتصبح مستشارة الرئيس لشمال أفريقيا والشرق الأوسط.
ويعكس هذا التغيير نية فرنسا إعادة بناء نهجها السياسي في أفريقيا بعد أزمة الساحل، ووسط نفوذ روسيا المتزايد في القارة، وفق الصحيفة.
وأكدت أن هذه التعيينات تهدف إلى جلب وجهات نظر جديدة وخبرات دبلوماسية لمواجهة التحديات المعقدة في المنطقة، وبينما تسعى فرنسا جاهدة لاستعادة موطئ قدمها في أفريقيا، فإن هذه التشكيلة الدبلوماسية الجديدة سوف تؤدي دورًا حاسمًا في تشكيل إستراتيجية البلاد في القارة.
المصدر: صحيفة "لوموند" الفرنسية