logo
العالم

ورقة ضغط مزدوجة.. "توماهوك" في قلب حسابات ترامب لحسم حرب أوكرانيا

غواصة أمريكية تطلق صاروخ توماهوكالمصدر: abc

لم تعد أزمة تسليح أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" مجرد خلاف تقني بين مؤسسات واشنطن، بل تحوّلت إلى اختبار سياسي بين رغبة البنتاغون في دعم كييف، وحسابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يوازن بين الضغط العسكري، وإمكانية التسوية مع موسكو.

ففي خطوة مفاجئة، أعلن البنتاغون في نهاية أكتوبر موافقته المبدئية على تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" بعيدة المدى، مؤكدًا أن توفيرها لن يؤثر على المخزونات الإستراتيجية الأمريكية.

وكان ترامب قد رفض منتصف أكتوبر خلال اجتماع مطوّل مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، تسليم هذه الصواريخ في الوقت الراهن، قائلاً: «نحن لا نريد التخلّي عن أشياء نحتاجها لحماية بلدنا». 

في المقابل، كان بوتين قد لوّح برد "ساحق" على أي ضربات أوكرانية تُنفذ باستخدام صواريخ توماهوك، مؤكدًا أن هذه الصواريخ قادرة على الوصول إلى "مدن روسية كبرى مثل موسكو وسانت بطرسبرغ"، وهو ما اعتبره "استفزازًا مباشرًا للأمن القومي الروسي".

أما زيلينسكي فبرّر إصراره قائلاً، إن امتلاك هذه الصواريخ سيجبر روسيا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، موضحًا أن بلاده تحتاجها لضرب منشآت النفط والطاقة داخل العمق الروسي.

أخبار ذات علاقة

المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا

"لن يجلب السلام".. روسيا تحذر من تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك"

تكلفة الصاروخ 

ويعد صاروخ "توماهوك" من أكثر الأسلحة الأمريكية تطورًا، إذ يبلغ مداه ما بين 1600 و2500 كيلومتر، وتصل تكلفته إلى نحو 2.2 مليون دولار للصاروخ الواحد، وتقدّر المنصة الأرضية للإطلاق بـ6.2 مليون دولار. 

ويزن الصاروخ حوالي 1.5 طن بطول 6.2 أمتار وسرعة تقارب 885 كيلومترًا في الساعة، مع دقّة إصابة لا تتجاوز 10 أمتار من الهدف.

ويمتلك الجيش الأمريكي نحو 3800 صاروخ من هذا الطراز بمختلف الفئات العملياتية، وقد استُخدم أكثر من 2300 صاروخ خلال 40 عامًا من الحروب، كان آخرها ضد منشآت نووية إيرانية في يونيو 2025.

ورغم الجدل السياسي، يواجه الملف عقبات تشغيلية، أبرزها ضعف قدرات البحرية الأوكرانية التي لا تملك سفنًا قادرة على الإطلاق البحري، ما يعني ضرورة تكييف الصواريخ مع منصات برية طورها الجيش الأمريكي، مؤخرًا، لتكون بديلاً في مثل هذه الحالات.

تغير المعادلة العسكرية

وأكد الخبراء أن قرار "البنتاغون" بالموافقة على منح أوكرانيا صواريخ "توماهوك" وترك الحسم النهائي للرئيس ترامب يحمل أبعادًا سياسية أكثر من كونه خطوة ميدانية، خاصة أن هذه الصواريخ لن تغير المعادلة العسكرية في أوكرانيا نظرًا لتعقيدات تشغيلها واعتمادها على منصات بحرية وبرية كبيرة.

وأكد د. آصف ملحم، مدير مركز جي إس إم للأبحاث والدراسات في روسيا، أن صواريخ "توماهوك" لن تغير المعادلة العسكرية في أوكرانيا كليةً، وأن هذه الصواريخ تُطلق عادة من سفن وغواصات أو من منصات إطلاق برية كبيرة الحجم، مما يجعل استخدامها في أوكرانيا خطوة معقدة وصعبة للغاية، وأن تدمير روسيا لمنصات الإطلاق سيشكل "محنة حقيقية" للأسلحة الأمريكية في هذه الحالة.

أخبار ذات علاقة

من 20 إلى 50 صاروخا فقط.. "صدمة" التوماهوك تنتظر زيلينسكي في البيت الأبيض

"القرار بيد ترامب".. البنتاغون يوافق على تزويد أوكرانيا بـ"توماهوك"

ضغوط أمريكية وتنازلات روسية

في تصريحات لـ"إرم نيوز" قال د. ملحم إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستخدم خيار تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" كورقة ضغط على موسكو، وأن ترامب سيواصل التهديد بتوريد هذه الصواريخ كوسيلة للضغط من أجل حصول تنازلات من روسيا.

وتساءل: "هل سيكون ترامب طرفًا في أي قمة محتملة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟" واصفًا هذا السؤال بـ"الكبير"، ومشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الفكرة نفسها طُرحت من قبل الولايات المتحدة أصلاً.

وأشار ملحم إلى أن رسالة ترامب إلى بوتين تفيد بأن القمة لم تُعقد بعد، وأن التسوية السياسية لم تتقدم، والبديل الممكن هو منح أوكرانيا صواريخ "توماهوك"، مؤكدًا أن ترامب يدرك جيدًا أن أوكرانيا لن تتمكن من استخدام هذه الصواريخ بفاعلية دون تدخل أمريكي مباشر.

أخبار ذات علاقة

في العمق

توازن الرعب.. "توماهوك" بين السماء الروسية والقرار الأمريكي (فيديو إرم)

وشرح أن "توماهوك"، على عكس الصواريخ الباليستية، يتحرك دون سرعة الصوت، ما يجعل اعتراضه ممكنًا حتى أمام أنظمة دفاع جوي أقل تطورًا، لكن المسار المنخفض والمناورة أثناء الرحلة يُعقّدان من مهمة الكشف والاعتراض، ويجعلان الحاجة لأنظمة دفاع جوي مُنظَّمة ومتعددة الطبقات أمرًا ضروريًا.

الموقف الأمريكي من دعم أوكرانيا 

من جانبه، قال برنت سادلر، المسؤول السابق في وزارة الحرب الأمريكية «البنتاغون»، إن التطورات الأخيرة في الحرب الروسية الأوكرانية تفرض ضرورة إظهار وضوح أكبر في الموقف الأمريكي تجاه دعم أوكرانيا.

وأشار في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن استمرار هجمات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام الطائرات الميسرة والصواريخ على نطاق واسع ضد الأراضي الأوكرانية يجعل من استخدام صواريخ «توماهوك» المجنحة ضد أهداف محددة أمرًا لا يُعد تصعيدًا بحد ذاته.

وأوضح سادلر أنه من الأفضل أن يمنح «البنتاغون» موافقته، وأن يضع خططاً عملية لتنفيذ نوايا الرئيس دونالد ترامب المتعلقة بتسليم صواريخ «توماهوك» المجنّحة إلى أوكرانيا، مؤكدًا، في الوقت ذاته، أن هذه المراجعة من جانب «البنتاغون» ليست مطلبًا إلزاميًا أو شرطًا قانونيًا للمضي قدمًا في تنفيذ القرار.

وأشار إلى أن أفضل التقديرات المتاحة تشير إلى أن مخزون الولايات المتحدة يضم نحو 3800 صاروخ «توماهوك» بمختلف الفئات والقدرات العملياتية، غير أن تفاصيل توزيع هذه الفئات ومستويات الجاهزية القتالية الخاصة بها ليست متاحة للرأي العام.

وأضاف سادلر أن امتلاك أوكرانيا لهذه الصواريخ سيمنحها قدرة نوعية على استهداف مواقع إستراتيجية بعيدة المدى داخل الأراضي الخاضعة لسيطرة القوات الروسية، وهو ما قد يُحدث تحولا ملموسا في ميزان القوى الميداني. 

وأكد أن هذا الدعم يُعد جزءًا من الجهود الغربية الرامية إلى تمكين كييف من الدفاع عن نفسها وردع موسكو عن مواصلة عملياتها العسكرية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC