logo
العالم

التقدم الروسي في دونيتسك وزابوريجيا يعيد رسم أوراق التفاوض

رجال الإطفاء يعملون في مبنى سكني مضرر من القصف في مدينة د...المصدر: رويترز

بينما جلس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فولوديمير زيلينسكي وجهًا لوجه أمس في ولاية فلوريدا، كانت المدفعية الروسية ترسم حدودًا جديدة على الأرض، وتفرض إيقاعًا ميدانيًا متسارعًا في زابوريجيا ودونيتسك.

وخلال الساعات الماضية، شهد الشرق والجنوب الأوكرانيان موجة تقدم روسي وُصفت بالأسرع منذ أسابيع، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية السيطرة على مناطق جديدة في دونيتسك شملت بلدات مثل ميرنوغراد ورودينسكي وأرتيميفكا، إلى جانب توسع ميداني في زابوريجيا مع التقدم نحو محيط هوليايبوليه وستيبنوهيرسك.

أخبار ذات علاقة

ترامب وزيلينسكي في لقاء سابق بالبيت الأبيض

"قمة فلوريدا".. الخطة الأمريكية في آخر مرحلة "فاصلة" بين ترامب وزيلينسكي

ويرى خبراء أن ما يُتداول عن تقدم روسي سريع في زابوريجيا ودونيتسك يندرج ضمن تصعيد سياسي وإعلامي مدروس أكثر منه تحولًا ميدانيًا حاسمًا، موضحين أن موسكو تسعى إلى تضخيم مكاسب محدودة وفرض صورة تقدّم متسارع قبيل لقاء ترامب وزيلينسكي، لاستخدامها كورقة ضغط تفاوضية.

وأضافوا لـ"إرم نيوز"، أن روسيا تعتمد سياسة القضم البطيء والاستنزاف، مع إعلان السيطرة على مناطق مدمّرة أو غير مستقرة، مؤكدين أن هذا التقدم، رغم ضجيجه، لا يعكس خرقًا استراتيجيًا واسعًا بقدر ما يعكس محاولة فرض أمر واقع سياسي قبل أي مسار تفاوضي محتمل.

نتائج ميدانية

وأكد الدكتور إيفان يواس، مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني، أن الحديث المتداول عن تقدم روسي في دونيتسك وزابوريجيا يندرج في إطار محاولة واضحة لتضخيم "النجاحات".

وبيّن لـ"إرم نيوز"، أن موسكو تسعى إلى إظهار أكبر قدر ممكن من المكاسب الميدانية والسياسية، تمهيدًا لتسويقها باعتبارها إنجازات حاسمة، تزامنًا مع لقاء الرئيس ترامب ونظيره الأوكراني زيلينسكي، لافتًا إلى أن الحرب دخلت عامها الرابع، رغم أن روسيا كانت قد أعلنت في بدايتها أن الحسم سيتم خلال شهرين فقط.

وأشار المستشار يواس إلى أن موسكو تروج عبر بياناتها الرسمية لما تصفه بـ"نجاحات كبيرة" على خطوط الجبهة، بينما أثبتت التطورات الأخيرة أن معظم هذه الإنجازات لا تعكس حقيقة الوضع الميداني.

واستشهد بمدينة كوبيانسك كمثال حي على ذلك، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن السيطرة عليها ودعا صحفيين أجانب لزيارتها، قبل أن يتضح لاحقًا، بحسب تصريحات الرئيس الأوكراني وحلفائه أن هذه السيطرة لم تكن مستدامة.

ونوه الدكتور يواس، بأن القوات الروسية أعلنت "تحرير" عدد من القرى والمدن، لكنها في الواقع دمّرتها بالكامل، بحيث لم يعد فيها أي مظهر من مظاهر الحياة سوى أنقاض المباني.

كما أكد أن الأسابيع المقبلة قد تكشف مجددًا أن روسيا لا تسيطر فعليًا على تلك المناطق، كما حدث سابقًا في كوبيانسك، حيث نجحت القوات الأوكرانية أكثر من مرة في طرد القوات الروسية من أجزاء منها.

وأوضح الدكتور يواس أن التصريحات الروسية تندرج ضمن ضغوط سياسية وإعلامية تستهدف دفع الأطراف الدولية نحو قبول فكرة الاستسلام، واستخدام ما يُسمى "نتائج ميدانية" للضغط على أوكرانيا في النقاشات السياسية.

وذكر أنه لا توجد إنجازات حقيقية على الأرض يمكن أن تفرض مثل هذه الطروحات، خاصة قبيل اجتماع اليوم، كما يوضح المشهد العام.

استنزاف مستمر

بدوره قال الدكتور آصف ملحم، مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات في روسيا، إن التقدم الجاري في زابوريجيا ودونيتسك يُعد تقدمًا بطيئًا، لكنه في الوقت نفسه يمثل عملية استنزاف مستمرة للقوات الأوكرانية.

وأكد لـ"إرم نيوز"، أن روسيا باتت تسيطر على المساحة الأكبر من إقليم الدونباس، في مقابل سيطرة القوات الأوكرانية على نحو 15% فقط منه، مضيفًا أن موسكو تتبع سياسة "القضم البطيء" في تقدمها الميداني، بهدف تكبيد القوات الأوكرانية أكبر قدر ممكن من الخسائر.

أخبار ذات علاقة

كيريل ديميترييف

روسيا تعلق على محادثات ترامب وزيلينسكي في فلوريدا

وأوضح الدكتور آصف، أن إعلان روسيا عن هذا التقدم بالتزامن مع لقاء زيلينسكي وترامب يأتي في إطار ممارسة ضغوط نفسية وفرض سياسة الأمر الواقع، إلى جانب تعزيز أوراق التفاوض.

وأشار إلى أن مثلث دنيبر وباكروفوسك وزابوريجيا ودونيتسك يشهد حالة مستمرة من الكرّ والفرّ بين الجانبين، لافتًا إلى أن روسيا تركز على هذا المثلث في محاولة للسيطرة على الضفة الغربية لنهر دنيبر وقطع الإمدادات عن الجيش الأوكراني.

وأكد الدكتور آصف أنه حتى الآن لم يحدث خرق كبير على تلك الجبهة، رغم التقدم البطيء، مشددًا على أن روسيا ماضية في تحقيق أهداف العملية العسكرية، وفي مقدمتها السيطرة الكاملة على إقليم الدونباس، وتحييد أوكرانيا، ومنع انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي، إلى جانب تحجيم قدرات الجيش الأوكراني.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC