الجيش الإسرائيلي: استعدنا خلال "عربات جدعون" 10 جثامين لإسرائيليين كانوا محتجزين في غزة

logo
العالم

وسط حسابات المصالح.. هل تملك تركيا مفاتيح التهدئة بين روسيا وأذربيجان؟

وسط حسابات المصالح.. هل تملك تركيا مفاتيح التهدئة بين روسيا وأذربيجان؟
الرئيسان الأذري (يمين) والتركي المصدر: ويكيبيديا
08 يوليو 2025، 2:55 م

في عالم تتبدل فيه التحالفات بتغير الفصول، لم تعد لغة الدبلوماسية كافية لاحتواء التوترات، لا سيما حين يتعلق الأمر بعلاقة شائكة تجمع بين روسيا وأذربيجان، تربطهما مصالح مشتركة وتاريخ طويل، لكنها اليوم تمر بمنعطف حاد.

وخلال الأيام الماضية، تصاعد الخلاف بين روسيا وأذربيجان إلى أزمة دبلوماسية علنية، بعد سلسلة من الأحداث التي بدأت بمداهمات أمنية في الأراضي الروسية، أسفرت عن مقتل شخصين من أصول أذرية، أعقبتها إجراءات انتقامية من باكو، شملت اعتقال صحفيين روس ونحو 15 مواطنًا روسيًا.

هذا التوتر الأمني جاء ليُسلط الضوء مجددًا على هشاشة العلاقة بين الطرفين، وهي علاقة لطالما اتسمت بالتقلب منذ استقلال أذربيجان عن الاتحاد السوفييتي عام 1991، فعلى مدار العقود الماضية، سعت باكو إلى الحفاظ على توازن حساس مع موسكو، عبر تعزيز التعاون الاقتصادي معها، دون أن تُغفل توسيع تحالفاتها مع أنقرة والغرب.

موقف تركي متحفظ.. ورسائل مزدوجة

وفي خضم هذا المشهد المتأزم، خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصريحات هادئة عقب زيارته لأذربيجان لحضور قمة منظمة التعاون الاقتصادي "إيكو"، مؤكدًا متابعته للتطورات من كثب، وداعيًا إلى "الحوار" كسبيل أمثل لحل الخلافات، معربًا عن أمله في ألا تخلّف الأحداث الأخيرة "أضرارًا لا يمكن إصلاحها" في العلاقات بين موسكو وباكو.

في المقابل، عبّر الكرملين عن امتعاضه مما وصفه بـ"انحراف" باكو عن مسار التعاون الاستراتيجي، حيث دعت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أذربيجان إلى الالتزام بالوثائق الرسمية التي تُقر مستوى العلاقات الثنائية.

ورغم دعوات التهدئة، فإن التوتر لا يزال قائمًا، في وقت تتبادل فيه موسكو وباكو الاتهامات؛ فروسيا تُلمّح إلى وجود محاولات لتقويض علاقاتها مع أذربيجان، في حين تؤكد باكو أنها تتحرك دفاعًا عن كرامة مواطنيها وسيادتها.

وساطة تركية.. أم أجندة توسعية؟

ويرى خبراء ومحللون تحدثوا لـ"إرم نيوز" أن تركيا تسعى للعب دور الوسيط في الأزمة، لكنها تواجه تحديًا جوهريًا يتمثل في انحيازها الواضح لأذربيجان، على المستويين السياسي والأيديولوجي، وهو ما يضعف من قدرتها على القيام بدور "محايد" يُفضي إلى تهدئة حقيقية.

وكشف الدكتور آصف ملحم، مدير مركز JSM للأبحاث والدراسات، عن وجود تحركات غربية، بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا، تستهدف تحريك جبهة القوقاز ضد روسيا، على غرار النموذج الأوكراني، عبر تأجيج الانقسامات داخل الإقليم.

وأوضح ملحم أن الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أذربيجان في أغسطس المقبل، تعكس إدراك موسكو لضرورة احتواء الأزمة مبكرًا، ولفت إلى أن أنقرة بدأت منذ عام 2010 تعزيز نفوذها في آسيا الوسطى، مروجة لفكرة "الاتحاد التركي"، ومُستفيدة من التوتر بين أذربيجان وكل من أرمينيا وإيران.

وأشار إلى وجود محاولات لإثارة اضطرابات في جنوب أرمينيا، بهدف فتح ممر يربط تركيا ببحر قزوين عبر الأراضي الأذرية، ما يمنح أنقرة منفذًا استراتيجيًا نحو آسيا الوسطى.

وأكد ملحم أن أنقرة تُمارس ما وصفه بـ"الدور الخفي" في إعادة تشكيل التوازنات الجيوسياسية بالقوقاز، كما كانت تفعل سابقًا في دعم المقاتلين الشيشان في التسعينيات، وفي سياق الأزمة السورية.

وأوضح أن الاستخبارات الغربية تحاول إشعال بؤر توتر جديدة في أذربيجان وجورجيا، لخلق بيئة مشابهة للنموذج الأوكراني، معتمدة في ذلك على البعد العرقي بين الأتراك والأذريين، الذي يُسهّل عملية الحشد والتسليح، على حد تعبيره.

موسكو تُحصّن وجودها.. وأنقرة تُراهن على النفوذ

من جانب آخر، تسعى موسكو لتحصين وجودها العسكري في المنطقة، من خلال تعزيز قاعدتها في "غيومري" شمال غربي أرمينيا، ونقل منظومات دفاعية من قاعدة "حميميم" في سوريا إلى القوقاز.

وفي الوقت ذاته، تُعزز أذربيجان من قدراتها الدفاعية بدعم فرنسي، حيث تتلقى قواتها تدريبات متقدمة على أنظمة الدفاع الجوي، فيما أرسلت باريس مؤخرًا أنظمة مضادة للمُسيّرات إلى أرمينيا، وهو ما أدى بدوره إلى مزيد من التصعيد.

هل تنجح الوساطة التركية؟

وفي السياق ذاته، قال رامي القليوبي، الأستاذ في كلية الاستشراق بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، إن محاولات أنقرة للوساطة بين روسيا وأذربيجان تصطدم بانحيازها العلني لباكو، ليس فقط على المستوى السياسي، بل عبر دعم أيديولوجي يقوم على وحدة الهوية القومية.

أخبار ذات علاقة

 المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف

الكرملين يندد بإلغاء أذربيجان فعاليات ثقافية روسية

وأوضح القليوبي أن روسيا تغاضت في السابق عن تجاوزات أذرية تمس بمواطنيها، حرصًا على علاقتها الاستراتيجية مع أنقرة، وليس مع باكو تحديدًا، مشيرًا إلى أن أي تحرك مشابه من دول أخرى، مثل طاجيكستان، كان سيقابل برد روسي أكثر حدة.

وأكد أن غياب الرئيس الأذري إلهام علييف عن احتفالات "عيد النصر" في موسكو مؤخرًا، يعكس فتورًا غير مسبوق في العلاقات الثنائية، خاصة في ظل مواقف أذربيجان المؤيدة لأوكرانيا.

واختتم القليوبي بالقول إن المشهد الإقليمي المعقد، وتداخل التحالفات بين أذربيجان وتركيا من جهة، وموسكو من جهة أخرى، تجعل من فرص نجاح الوساطة التركية مسألة بالغة الصعوبة، إن لم تكن مستبعدة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC