logo
العالم

طوق نجاة أم كابوس.. صواريخ "توروس" الألمانية تفاقم الجدل في أوكرانيا

طوق نجاة أم كابوس.. صواريخ "توروس" الألمانية تفاقم الجدل في أوكرانيا
صواريخ "توروس" الألمانيةالمصدر: غيتي إيمجز
04 يوليو 2025، 1:58 م

في خضم تقلص خطوط الإمداد العسكري لأوكرانيا إثر قرار واشنطن المفاجئ بوقف شحن الأسلحة الأساسية، يتصاعد الجدل بشأن إمكانية أن تلعب برلين دوراً محورياً عبر طرح صواريخ "توروس" الألمانية داخل المعادلة.

هذه الصواريخ، التي كانت طوال الفترة الماضية محلّ تحفظات أوروبية بشأن تسليمها، باتت الآن مادة نقاش ساخنة في مواجهة الإرادات بين الغرب وروسيا، وسط تحذيرات من أن تفعيلها قد يدفع ألمانيا نحو مواجهة مباشرة مع موسكو.

في خطوة لافتة، أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن النقاش حول تدريب الأوكرانيين على استخدام صواريخ "توروس" لا يزال محتدماً، مرجحاً أن إتقان نظام هذه الصواريخ المعقد يمتد إلى ستة أشهر على الأقل. كما شدد على أن ألمانيا لن تشارك بشكل مباشر في الحرب، وسيقود تشغيل الأنظمة طرف أجنبي، أي القوات الأوكرانية، كما حدث مع الصواريخ البريطانية والفرنسية السابقة.

وعلى الرغم من ذلك، لوحت موسكو بتحويل أي استخدام لصواريخ "توروس" ضد أهداف داخل أراضيها إلى مشاركة مباشرة من الجانب الألماني، واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تشغيل هذه المنظومات دون وجود ضباط ألمان هو أمر غير عملي، ما يزيد من حدة التوتر غير المسبوق.

في هذه الأثناء، يتردد قرار برلين بين ضغوط كييف والمخاوف من سلوك تصعيدي محتمل، بينما قام وزير الخارجية الألماني بأول زيارة له إلى أوكرانيا منذ تقلده المنصب، حيث أعلن عن دعم جديد لوحدات وزارة الداخلية الأوكرانية عبر توفير مركبات ومعدات حماية من التهديدات الكيميائية والإشعاعية. وترمز هذه الخطوة إلى رغبة ألمانيا في توسيع دعمها العسكري عبر القطاعات الأساسية.

وبحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز"، تستعد أوكرانيا لمكالمة هاتفية بين الرئيس زيلينسكي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول مستقبل المساعدات، بعد أن تسبّب نفاد مخزون الولايات المتحدة في وقف إمدادات صواريخ الدفاع الجوي الحيوية.

في ظل هذا الارتباك الأمريكي وتريث برلين، تترقب كييف قراراً قد يرسم حدود المرحلة المقبلة من الحرب، وسط سؤال جوهري يتمحور حول ما إذا كانت صواريخ "توروس" ستشكّل طوق نجاة لأوكرانيا.

بدائل أوروبية في المشهد العسكري

يشير خبراء إلى أن توقف الإمدادات الأميركية يدفع أوروبا، وبالأخص ألمانيا، إلى تحمل مسؤوليات أكبر في تسليح أوكرانيا، ما يتيح الفرصة لاستخدام بدائل من الصواريخ الأوروبية مثل "توروس".

ورأوا أن واشنطن تحاول دفع حلفائها الأوروبيين لتولي هذه المسؤولية، بعد قرار ترامب بعدم تمويل الحرب، في وقت يعتقد فيه مقربون من النظام الروسي أن برلين باتت أبرز داعم لجهود كييف العسكريّة.

لكن هذه الخطوة تندرج ضمن سياق الانقسام العميق داخل الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية إدارة الصراع في أوكرانيا، حيث تحاول موسكو استغلال الإرباك في الدعم الغربي للوصول إلى مكاسب ميدانية، مستفيدة من ضعف الاستراتيجية الأوكرانية والخلافات الأوروبية التي قد تنذر باستنزاف قدرات كييف، لتضطر لاحقاً للقبول بتسويات روسية أو التصدي لصراع طويل قد يمتد ويتحوّر.

ضغوط أمريكية على زيلينسكي

وبحسب إبراهيم كابان، مدير "شبكة الجيوستراتيجي للدراسات"، تمارس الولايات المتحدة ضغطاً على الرئيس الأوكراني من أجل ضغط أوروبي أقوى لدعم الحرب، والاتجاه نحو تحوّل في نوعية الإمدادات العسكرية المتاحة لكن من المحتمل أن يتم توفيرها من القوى الأوروبية، بما فيها ألمانيا، ومن ضمن هذه الأدوات البارزة تأتي صواريخ "توروس"، إلى جانب سلاح قد توفره بريطانيا أو فرنسا أو تشيكيا.

الاستراتيجية الروسية والضغط الأوروبي

أما كارزان حميد، المحلل السياسي الخبير في الشؤون الأوروبية، فلفت إلى أن روسيا بدأت تحرز تقدماً ميدانياً بصورة أسرع من الأعوام الثلاثة الماضية، مستفيدة من تراجع الدعم الاستراتيجي لأوكرانيا، وخاصة بعد اجتماعات حلف الناتو ومجموعة السبع الأخيرة. 

وأضاف أن الاختلافات بين الدول الأوروبية – خصوصاً ألمانيا وفرنسا وبريطانيا – حول مستقبل الصراع تزيد من عدم الاستقرار، وهو ما يترك فرصة لموسكو لانتزاع تنازلات من كييف عبر الضغط على الغرب.

كما أشار حميد إلى أن لجوء بعض الضباط الألمان في الماضي للتخطيط لاستهداف جسر شبه جزيرة القرم يعد مؤشراً على وجود رغبة قوية داخل برلين لدعم العمليات على حدوده، وأن بريطانيا بدورها تمارس ضغوطاً لرفض التفاوض المباشر مع موسكو.

غير أن التقليل من الدعم العسكري قد يدفع كييف لتسوية سياسية تقلل من نفوذ الرئيس زيلينسكي وتعيد تموضع أوكرانيا ضمن النفوذ الروسي.

وأشار أيضاً إلى أن ألمانيا وفّرت لكييف دعماً ميدانياً ضخماً شمل دبابات "ليوبارد" وصواريخ وطائرات مسيّرة، ولكن دون إصلاح حقيقي لجهاز الجيش الأوكراني أو معالجة فساد داخلي، مما أدى إلى إخفاقات متكررة.

ويرى حميد أن صواريخ "توروس" قد تعزز القدرات الدفاعية الأوكرانية، إلا أنها لن تُحدث نقلة استراتيجية إذا استمرت الأزمات البنيوية في التخطيط العسكري. ويستند هذا الرأي إلى غياب استراتيجية واضحة بدأت منذ 2022، ما جعل الحرب تدخل في دوامة الاستمرار وليس الانتهاء.

أخبار ذات علاقة

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف

روسيا تتهم أوروبا بتأجيج التوتر بين إيران وإسرائيل

 ملامح التوازنات المقبلة

من جهة أخرى، لا يخفى على المراقبين أن لألمانيا حسابات تاريخية مع موسكو لم تُغلق، وهي تحاول اليوم تصفية خلافاتها عبر دعم أوكرانيا، في حين استندت تصريحات الكرملين إلى حديث بين بوتين وماكرون أشار فيه الرئيس الروسي إلى احتمال توقّف الدعم الغربي دون أن يكشف تفاصيل إضافية، وهو ما يضع أوروبا أمام تحدٍّ مزدوج بين التصعيد العسكري واحتمالات الانكماش السياسي في أوكرانيا.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC