أثار إعلان إندونيسيا عن النظر في دوريات خفر السواحل المشتركة مع فيتنام موجات توتر جديدة في بحر الصين الجنوبي، فيما يحاول جيران جنوب شرق آسيا تحقيق توازن دقيق مع القوة العظمى الإقليمية، الصين.
وقال نائب الأدميرال إيرفانسياه، قائد خفر السواحل الإندونيسي، بعد استقبال سفينة خفر السواحل الفيتنامية في ميناء تانجونج بريوك في 25 أغسطس 2025: "نستكشف دوريات منسقة لتعزيز الأمن البحري والحفاظ على مصالحنا الوطنية."
كما يتضمن هذا التعاون التدريبات المشتركة، تبادل الأفراد، وبرامج التدريب، بهدف تعزيز قدرة الدولتين على حماية مياههما ومصالحهما في منطقة حيوية تتعرض للتوتر المستمر.
ففي عام 2024، شهدت مئات الحوادث بين قوارب الصيد التابعة لدول آسيان وسفن خفر السواحل الصينية استخدام مدافع المياه والتحذيرات اللاسلكية، بل واصطدامات مباشرة في بعض الحالات؛ ما يعكس حجم الضغط المتزايد على المنطقة.
وتعمل هذه الشراكة في ظل غموض قانوني ملحوظ؛ ففي 2022، وقّعت إندونيسيا وفيتنام اتفاقية لتحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، بعد أكثر من عقد من المفاوضات، لكن البرلمانين لم يصادقا عليها بعد.
ويجعل هذا الغموض الحدود البحرية وقواعد الاشتباك عرضة للطعن والمنازعات، ويؤثر على آلاف الكيلومترات المربعة الحيوية لصيد الأسماك واستكشاف الطاقة.
تتداخل منطقة الدوريات المقترحة مع مطالبة الصين بـ "خط النقاط التسع"، التي تغطي 90% من بحر الصين الجنوبي.
على الرغم من حكم محكمة دولية عام 2016 بعدم قانونية هذه المطالب، ترفض بكين الاعتراف به وتواصل وجودها شبه الدائم.
وبحسب التقارير، أجرى خفر السواحل الصيني أكثر من 1000 دورية في المنطقة العام الماضي، مع زيادة مواجهاته مع نظائرها في جنوب شرق آسيا بنسبة 30% سنويا خلال السنوات الثلاث الماضية.
بالنسبة لإندونيسيا، أرخبيل يضم 17 ألف جزيرة، السيادة البحرية تعني البقاء؛ كما أن الدوريات المشتركة مع فيتنام لا تعزز المراقبة والردع فحسب، بل تمنح أيضاً نفوذاً دبلوماسياً في المفاوضات المستقبلية، وتحمي مصائد الأسماك التي تُقدر بمليارات الدولارات سنوياً، وترسخ المعايير القانونية في المنطقة.
ومع ذلك، تُنذر هذه الخطوة بإشعال الاحتكاك مع الصين، حيث يمر نحو 40% من التجارة البحرية العالمية عبر بحر الصين الجنوبي؛ ما يجعل أي تصعيد له عواقب اقتصادية عالمية.
حتى الآن، تبقى المبادرة طموحة دون تصديق قانوني أو موافقة سياسية رسمية، لكنها تمثل دليلاً واضحاً على تغيّر ميزان القوى في آسيا والمحيط الهادئ.
وهذه التحركات ستكون تحت المراقبة الدقيقة من الصين والولايات المتحدة ودول آسيان، وسط سعي القوى الإقليمية للحفاظ على مصالحها الوطنية في بحر متقلب.