ساد "صمت مطبق" على البيت الأبيض الأمريكي حول فضيحة الفساد التي هزّت أركان حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، رغم حجمها الذي يصل إلى 100 مليون دولار، وأدت إلى استقالات مدوية لمسؤولين كبار.
ورفض البيت الأبيض التعليق على التحقيق الذي أعلنته هيئتا مكافحة الفساد الأوكرانيتان، المكتب الوطني لمكافحة الفساد ومكتب المدعي العام الخاص لمكافحة الفساد، بعد 15 شهراً من التحقيقات السرية المعروفة بـ"عملية ميداس"، وفق تقرير لقناة "فوكس نيوز".
ووفق القناة، فإن الصمت الأمريكي، يأتي وسط جهود الرئيس دونالد ترامب لتأمين اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، بعد مساعدات أمريكية بلغت 175 مليار دولار منذ 2022.
وكان الفساد نقطة خلاف تاريخية، ففي عام 2019، أوقفت إدارة ترامب مساعدات عسكرية بـ400 مليون دولار بسبب تلك المخاوف، فيما سعى مساعدوه لمعلومات عن جو بايدن ونجله هانتر، الذي كان في مجلس إدارة "بوريسما" براتب 50 ألف دولار شهرياً.
وهدد بايدن، نائباً للرئيس، بحجب مليار دولار ضمانات قروض إلا إذا أقالت أوكرانيا المدعي فيكتور شوكين، المتهم بالتقصير في قضايا فساد، ويزعم شوكين فصله لتحقيقه في "بوريسما"، وهو ادعاء ينفيه الأمريكيون والأوروبيون.
لكن يبدو بأن صمت إدارة ترامب، وفق تقرير "فوكس نيوز"، يأتي لتجنّب تعطيل مفاوضات السلام، رغم أن بعض الأموال المغسولة كانت مخصصة لمعدات حماية منشآت الطاقة من الهجمات الروسية.
وتعاني أوكرانيا انقطاعات كهرباء تصل إلى 5-8 ساعات يومياً مع اقتراب الشتاء، إذ أشادت المفوضية الأوروبية بجهود كييف، لكنها حذرت من "تقدم محدود" يهدد انضمامها للاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى ضغوط سياسية على وكالات مكافحة الفساد.
ودعم زيلينسكي التحقيق علناً، قائلاً: "أي إجراء فعال ضد الفساد ضروري، والعقاب حتمي"، لكن الفضيحة تُلقي بظلال على التزامه، خاصة بعد سحبه اقتراحاً سابقاً لفرض رقابة رئاسية أكبر على الوكالات المستقلة.
وكشفت العملية، التي شملت نحو 1000 ساعة من التنصت، عن مخطط رشاوى معقد في شركة الطاقة النووية المملوكة للدولة "إنيرجوأتوم"، إذ دفع متعاقدون رشاوى بنسبة 10% إلى 15% من قيمة العقود للاحتفاظ بها، مجموعها نحو 100 مليون دولار.
ويقود المخطط المزعوم تيمور مينديتش، شريك قديم لزيلينسكي في استوديو الإنتاج السابق، ومستشار لوزير العدل جيرمان غالوشينكو الذي كان وزيراً للطاقة حتى يوليو الماضي، وساعد في غسل الأموال تحت تأثير مينديتش، حسب الادعاء.
وفرّ مينديتش من أوكرانيا صباح الاثنين، قبل مداهمة منزله بساعات، إذ أعلن غالوشينكو وخليفته سفيتلانا غرينتشوك استقالتهما بناءً على طلب زيلينسكي، فيما اعتقل المحققون خمسة مشتبه بهم، ووضعوا سبعة آخرين تحت الاشتباه.
حوّلت الشبكة أموالاً إلى "نائب رئيس وزراء سابق لم يُكشف عن اسمه"، يُعرف بـ"تشي جيفارا"، مع تعقب 1.2 مليون دولار له، إذ استخدم المشتبه بهم علاقاتهم في الوزارة والشركة للسيطرة على القرارات والتدفقات المالية.
ولم يُتهم زيلينسكي مباشرة، لكنه بنى حملته الانتخابية عام 2019 على مكافحة الفساد، واليوم، بعد سبع سنوات، يُتهم بدائرة داخلية صغيرة تعزز سلطتها بضوابط محدودة، خاصة مع تأجيل الانتخابات بسبب الحرب، وفق "فوكس نيوز".