قال محللون إن إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية دفعت الأوروبيين لإنشاء تحالف جديد، يسعى إلى تعزيز الاستقلالية الأوروبية، وتعزيز استراتيجياتها الدفاعية، وتقوية المواقف المشتركة تجاه الأزمة الأوكرانية.
وتتحرك الدول الأوروبية، وعلى رأسها بولندا وفرنسا، لبلورة تحالف جديد؛ كاستجابة مباشرة لاهتزاز الثقة بالالتزامات الأمريكية، وفي ظل احتمالات خروج الولايات المتحدة من دعمها الفعال لأوكرانيا بعودة ترامب.
وتسعى الدول الأوروبية عبر التحالف الجديد، المدعوم من دول كفرنسا وألمانيا، لحماية مصالحها الاستراتيجية في منطقة تعصف بها الأزمات المتتالية.
ويستند التحالف الجديد إلى مبادئ الأمن الأوروبي المشترك والاستقلالية الاستراتيجية، إذ يشير المحللون إلى أن الأوروبيين لم يعودوا يرغبون في الاعتماد التام على الدعم الأمريكي.
ويرى المحلل السياسي، الباحث في المعهد الأوروبي للدراسات الدولية، جان كلود تيري، "أنه مع عودة ترامب يزداد القلق الأوروبي بشأن استقرار الدعم الأمريكي، خاصة في أوقات الأزمات مثل الوضع في أوكرانيا".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "الأوروبيين يسعون إلى بناء منظومة دفاعية مشتركة تكون بمنأى عن التقلبات السياسية في واشنطن، إذ إن عودة ترامب قد تُضعف الدعم وتزيد تعقيدات الصراع الأوكراني".
بدوره، قال المحلل الفرنسي، الباحث في مركز باريس للتحليل الاستراتيجي إيمانويل مورييه، إن "التحالف الجديد يعكس محاولة أوروبا صياغة سياسة دفاعية موحدة ومتماسكة، مع تقليل الاعتماد على الحليف الأمريكي في المواقف الحساسة".
وأكد لـ"إرم نيوز" أن "التغيرات في واشنطن تحفز أوروبا على التحرك بشكل أسرع لتقوية استقلاليتها، وهو أمر أساس في ظل تعاظم التهديدات من روسيا".
ومن جهته، قال جاك بيير-دوبوا، محلل في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية: "إنه بعودة ترامب ستكون الدول الأوروبية مطالبة باتخاذ قرارات جريئة لتعزيز تحالفاتها الداخلية وتقليل اعتمادها على واشنطن، خاصةً في قضايا الأمن القومي".
وبيّن لـ"إرم نيوز" أن "التحالف الجديد قد يكون محوريًا في مستقبل العلاقات الأوروبية، خاصةً إذا ما قررت الولايات المتحدة تقليل التزاماتها في المنطقة".
ويبدو أن أوروبا على أعتاب مرحلة من إعادة التقييم الاستراتيجي، إذ يتزايد الدعم لفكرة "استقلالية دفاعية" تمكّن الاتحاد الأوروبي من مواجهة الأزمات بعيدًا عن تذبذبات السياسة الأمريكية.
ووفقًا لتحليل سيلفي كوفمان، المحللة السياسية في صحيفة "لوموند"، تتحرك بولندا بشكل لافت، في حين تلتزم ألمانيا الحذر والانكماش بسبب أزماتها الداخلية.
يأتي هذا في وقت يُعاد فيه ترتيب الأوراق في أوروبا لمواجهة سيناريو "أمريكا بلا التزامات"، وهو مشهد غير مسبوق يهدد بتغيير ديناميكيات العلاقات الدولية في القارة.
في ألمانيا، التي تواجه سلسلة أزمات متتالية، يتزايد القلق بشأن مدى قدرتها على الاعتماد على الولايات المتحدة كحليف استراتيجي.
وبعد فقدان ألمانيا ميزاتها في مجال الطاقة الروسية والسوق الصينية، تواجه الآن اضطرابًا في "ركيزة" الأمن الخارجي، مع احتمالات تراجع واشنطن عن التزاماتها الدفاعية.
والأزمة السياسية الحادة داخل الحكومة الألمانية تزيد تعقيد المشهد، إذ من المقرر إجراء انتخابات مبكرة قد تطيح بالائتلاف الحاكم في شباط/فبراير من عام 2025.
