مثّل إعلان ميلانيا ترامب إعادة أطفال أوكرانيين من روسيا خطوة مفاجئة وغير مسبوقة على صعيد الدور الدبلوماسي للسيدة الأولى في الولايات المتحدة.
وأعلنت ميلانيا، الجمعة، أنها نجحت في تأمين إطلاق سراح عدد من الأطفال الأوكرانيين العالقين في روسيا نتيجة لحرب، بعد أن أنشأت "قناة اتصال مباشرة" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويعد هذا الظهور العلني المنفرد أحد أندر إطلالات ميلانيا ترامب منذ عودة زوجها إلى البيت الأبيض في يناير، حيث ظلت، طوال الأشهر الماضية، تميل إلى العزلة بين نيويورك وفلوريدا.
ووصف محللون هذا التحرك بأنه "اختراق دبلوماسي ناعم" يأتي في وقت لا تزال فيه قضية الأطفال الأوكرانيين المرحّلين إلى روسيا من أبرز الملفات التي تثير التوتر بين موسكو وكييف.
وتطالب أوكرانيا بإعادة نحو 20 ألف طفل تقول إنهم نُقلوا قسراً إلى روسيا، منذ العام 2022، وهو ما دفع المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي.
برونو تيرتريه، نائب مدير مؤسسة الأبحاث الإستراتيجية في فرنسا، قال لـ"إرم نيوز" إن مبادرة ميلانيا ترامب تمثل سابقة دبلوماسية غير مألوفة في التاريخ الأمريكي الحديث، إذ لم تلعب أي سيدة أولى من قبل دوراً مباشراً في التواصل مع زعيم أجنبي في ظل نزاع مسلح.
وأضاف: "من الواضح أن هذه القناة غير الرسمية قد استُخدمت كأداة دبلوماسية موازية، تسمح للإدارة الأمريكية بإجراء اختبار للنوايا الروسية دون المرور عبر القنوات الرسمية المثقلة بالقيود السياسية".
ويعتقد تيرتريه أن الخطوة تعكس أيضاً محاولة من إدارة ترامب لاستعادة زمام المبادرة في الملف الأوكراني، خاصة بعد الانتقادات الأوروبية التي طالت واشنطن بسبب ما وُصف بـ"الجمود" في الموقف الأمريكي.
وتابع أنّ "هذا التحرك قد يحمل أبعاداً رمزية أكثر من كونه إنجازاً دبلوماسياً حقيقياً، لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام استخدام القوة الناعمة النسائية في إدارة الأزمات الدولية المعقدة".
بدورها، قالت سيليا بيلو، الباحثة الفرنسية في معهد بروكينغز والمتخصصة في السياسة الأمريكية لـ"إرم نيوز" إن هذه المبادرة لا يمكن قراءتها بمعزل عن السياق السياسي الداخلي في الولايات المتحدة.
وأشارت بيلو إلى أن ميلانيا ترامب لا تتحرك في فراغ، وأن هذا التحرك الإنساني له بعد انتخابي أيضاً، فهو يسهم في تجميل صورة عائلة ترامب عشية الحملات الانتخابية الأمريكية، مع الإيحاء بأن إدارة ترامب قادرة على تحقيق ما عجزت عنه الدبلوماسية التقليدية".
وذكرت الباحثة الفرنسية أن مثل هذا النوع من الدبلوماسية الموازية قد يثير إرباكاً في الخطوط الرسمية للتفاوض بين واشنطن وموسكو، خاصة في ملفات حساسة مثل تبادل الأسرى والعقوبات.
وأضافت: "رغم البعد الإنساني الواضح للمبادرة، فإنها تندرج ضمن لعبة توازن دقيقة بين العلاقات العامة والسياسة الواقعية. نجاحها في الإفراج عن عدد محدود من الأطفال لا يعني بالضرورة تغييراً في سياسة موسكو، لكنه يخلق سابقة قد تُستغل في المستقبل".
وكانت ميلانيا قالت، في تصريح نادر من البيت الأبيض، إنها أجرت اتصالات دبلوماسية غير معلنة مع الرئيس الروسي، عقب القمة التي عقدت في ألاسكا، خلال شهر أغسطس/ آب، بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الروسي.
وأضافت السيدة الأولى: "منذ أن تلقّى الرئيس بوتين رسالتي في أغسطس، عبّر عن استعداده للتواصل معي مباشرة، وشاركني تفاصيل حول الأطفال الأوكرانيين الذين يعيشون في روسيا. ومنذ ذلك الحين، فتحنا قناة تواصل مشتركة تركز على سلامة هؤلاء الأطفال".
وكشفت ميلانيا ترامب أن 8 أطفال ممن نزحوا بفعل الحرب الروسية على أوكرانيا عادوا إلى عائلاتهم، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، 7 منهم من روسيا إلى أوكرانيا، وواحد من أوكرانيا إلى روسيا.
وأوضحت أن 3 من الأطفال كانوا قد فُصلوا عن ذويهم بسبب المعارك على خطوط الجبهة، بينما جرى فصل البقية في مناطق حدودية مضطربة.
وأكدت أن فريقها عمل بشكل مباشر مع طاقم الرئيس بوتين لضمان عودة الأطفال بأمان إلى أسرهم.
وتابعت: "لقد أظهرت موسكو استعداداً لتبادل المعلومات الخاصة بهؤلاء الأطفال، بما في ذلك الصور والسير الذاتية، وسأواصل العمل لضمان عودة المزيد منهم إلى أوطانهم. هذه المبادرة تمثل بالنسبة إليّ هدفاً إنسانياً مشتركاً, وتأثيراً طويل الأمد".