قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن فوز زهران ممداني في سباق عمدة مدينة نيويورك بعد حملة انتخابية رائدة لاقى صدىً واسعاً لدى مؤيديه اليساريين في أنحاء متفرقة من العالم.
ولم يتردد الاشتراكي الديمقراطي، الذي ركز حملته على سياسات تستهدف توفير السكن بأسعار معقولة، في تسليط الضوء على نشأته متعددة الثقافات كأمريكي مسلم من أصل هندي وُلد في أوغندا.
وأثار فوز ممداني التاريخي- كأول عمدة مسلم من جنوب آسيا للمدينة - ردود فعل ورسائل تضامن من منظمين وسياسيين يساريين في الخارج، الذين انخرطوا في هذه الحملة البارزة وفازوا في صناديق الاقتراع كبادرة أمل للسياسة الليبرالية في وقت يبدو فيه صعود الشعبوية اليمينية في جميع أنحاء العالم.
في المملكة المتحدة، احتفل العديد من السياسيين اليساريين بفوزه.
وكتب عمدة لندن، صادق خان، الذي سبق أن اصطدم بالرئيس دونالد ترامب، على منصة "إكس": "واجه سكان نيويورك خيارًا واضحًا - بين الأمل والخوف - وكما رأينا في لندن - انتصر الأمل".
ومثل ممداني، واجه خان، المنتمي إلى حزب العمال (يسار الوسط)، هجمات معادية للإسلام مرتبطة بهويته الإسلامية.
وردّ الرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بيترو، الذي سحبت منه وزارة الخارجية الأمريكية تأشيرته الأمريكية في سبتمبر/أيلول، على فوز ممداني بنشر صورة تجمعه به.
وغرّدت ماريا خوسيه بيزارو رودريغيز، وهي قيادية أخرى من حزب بيترو، بأنّ فوز ممداني يُظهر أنّ الأفكار الليبرالية ليست جذرية، بل ضرورية.
وأشاد المشرّعون ذوو الميول اليسارية في العديد من الدول بفوز ممداني، مُبرزين تناقضات بين نهجه ونهج ترامب، أو نهج المؤسسة السياسية، حسبما ذكرت "واشنطن بوست".
وأشاد عمدة بودابست الليبرالي، جيرجيلي كاراكسوني، بممداني، قائلاً إنه وقف في وجه ترامب والنخب الجمهورية والديمقراطية، وإن سياسات ممداني ستخدم الأغلبية لا أصحاب الامتيازات.
وقالت السياسية الفرنسية مانون أوبري، الرئيسة المشاركة لمجموعة اليسار في البرلمان الأوروبي، إن ممداني قد تغلب على "المؤسسة الإعلامية والاقتصادية والسياسية التي أنفقت عشرات الملايين من الدولارات لعرقلة طريقه... ودون أن تغض الطرف عن العنصرية وغزة".
كانت آراء ممداني بشأن إسرائيل بمثابة نقطة اشتعال خلال حملته الانتخابية.
فقد اتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، ورفض القول بأن إسرائيل يجب أن تكون دولة يهودية.
كما التقى بقادة يهود في نيويورك وزار معابد يهودية طوال حملته، ووعد بمعالجة تصاعد معاداة السامية في المدينة.
وقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتامار بن غفير، يوم الأربعاء إن فوز ممداني "سيُذكر إلى الأبد كلحظة تغلبت فيها معاداة السامية على المنطق السليم".
وفي بيان لاذع نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، اتهم وزير شؤون الشتات، عميخاي شيكلي، ممداني بدعم الإرهاب ضد اليهود، وحث يهود نيويورك على التفكير في الانتقال إلى إسرائيل.
وفي كندا، قال جاغميت سينغ، الذي قاد الحزب الديمقراطي الجديد الكندي حتى وقت سابق من هذا العام: "في وقتٍ تتزايد فيه التحديات ضد الطبقة العاملة، صنع سكان نيويورك التاريخ".
من جانبها، قالت هيذر ماكفيرسون، وهي نائبة أخرى من الحزب الديمقراطي الجديد، إن ممداني أثبت أن "التغيير يبدأ منا".
ورحب سياسيو المعارضة في الهند بممداني، حيث جادل أبيشيك مانو سينغفي، أحد قادة حزب المؤتمر، بأن فوزه يُظهر أن القيم الليبرالية لا تزال قادرة على الازدهار في عهد ترامب، وأن "الشباب والطاقة والديناميكية مهمة".
وُلد ممداني في كامبالا، أوغندا، لأبوين من أصل هندي - أحدهما هندوسي والآخر مسلم. انتقلت العائلة إلى مدينة نيويورك عندما كان زهران ممداني في السابعة من عمره، وحصل على الجنسية الأمريكية عام 2018.
وقد استلهم ممداني من تجربته الشخصية كمسلم في نيويورك، ومن القصص والتقاليد الهندوسية التي نشأ عليها، عند حديثه مع الناخبين.
أصدرت مدرسة سانت جورج للقواعد في كيب تاون، جنوب إفريقيا، حيث التحق ممداني في صغره، وكذلك المسجد الذي كان يرتاده، بيانين يوم الأربعاء هنآه فيهما.
وأشاد بعض مؤيدي ممداني في الخارج بكيفية تقبّله لهويته ونشأته الثقافية المتنوعة خلال حملته الانتخابية.
وقالت ماهوا مويترا، النائبة الهندية عن حزب إقليمي، إن ممداني لم يفز فقط في نيويورك، بل "منحنا الأمل في أن الحب والشجاعة والصدق مع الذات ينتصران في النهاية".
