وصلت السجون في فرنسا إلى مرحلة حرجة غير مسبوقة مع تسجيل أرقام قياسية في الاكتظاظ، في واحدة من أخطر الأزمات التي تواجه العدالة الفرنسية.
وهذا الوضع ينذر بكارثة إنسانية وأمنية قد تعصف بالنظام القضائي برمّته، في ظل تزايد الانتقادات الداخلية والدولية لسياسة إدارة السجون.
وذكرت إذاعة "إر. إف. إي" الفرنسية، أن فرنسا سجلت مطلع الشهر الماضي رقمًا قياسيًا جديدًا في الاكتظاظ داخل السجون الفرنسية، فقد بلغ عدد السجناء 84,951، في حين لا تتجاوز الطاقة الاستيعابية 62,509 أماكن متاحة.
وأشارت الإذاعة الفرنسية إلى أن الوضع يتدهور، خصوصًا في السجون الاحتياطية، إذ تصل نسبة إشغالها إلى 167% من طاقتها، رغم أن معظم المحتجزين فيها لا يزالون في مرحلة ما قبل صدور الأحكام القضائية، ويُفترض أنهم أبرياء حتى تثبت إدانتهم.
والأزمة المزمنة للاكتظاظ في السجون الفرنسية لم تجد طريقها إلى الحل، بل سجلت أرقامًا قياسية جديدة وفقًا لبيانات وزارة العدل.
ففي الأول من يوليو الماضي، زاد عدد المحتجزين بمقدار 6,442 سجينًا إضافيًا مقارنة بالعام السابق، ليصل الفائض إلى 22,442 سجينًا فوق الطاقة المسموح بها للمؤسسات العقابية.
وإلى جانب مشكلة الاكتظاظ المتفاقمة، تعاني السجون الفرنسية من تهالك الأبنية وسوء الظروف الصحية، ما يخلق بيئة متوترة تزيد من احتمالات اندلاع أعمال العنف بين النزلاء أو ضد الموظفين، وهو ما يعمق معاناة جميع من يعيش أو يعمل داخل أسوار السجون.
ويشار إلى أن هذه الوضعية الكارثية كثيرًا ما أثارت انتقادات النواب الفرنسيين، بالإضافة إلى تحذيرات صادرة عن المراقبة العامة لأماكن الحرمان من الحرية، كما سبق أن أدانتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشكل صارم في عام 2020.
وأصبحت فرنسا اليوم ضمن الدول الأوروبية التي تعرف أسرع زيادة في عدد السجناء، إذ تحتل المرتبة الثالثة خلف سلوفينيا وقبرص، حسب دراسة نُشرت في يوليو 2025 عن مجلس أوروبا، ما يضع البلاد أمام اختبار صعب لإصلاح سياستها العقابية قبل أن تتفاقم الأزمة أكثر.