دخل الملياردير إيلون ماسك عالم السياسة بأسلوبه الريادي ذاته الذي اعتمده في شركاته، مثل تسلا وسبيس إكس ونيورالينك، ليصبح قوة مؤثرة في الساحة السياسية الأمريكية.
وقالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إنه مع دعمه الحاسم لحملة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، يسعى ماسك ليكون أكثر من مجرد رجل أعمال، بل شخصية مؤثرة سياسيًا، لافتة إلى أنه من استثماراته السياسية إلى تعديلاته الإستراتيجية على حملات الانتخابات، تتجلى رؤيته للديمقراطية على أنها مشروع يمكن إعادة ابتكاره باستخدام التكنولوجيا والطرق الجريئة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال الأشهر الماضية، دعم ماسك حملة ترامب بنفس الحماس الذي يستثمر به في مشاريعه، إذ وجد فرصة لاستخدام منهج "وادي السيليكون" القائم على البيانات والتحليل، حيث بدأ تدخله عبر تبرعات ضخمة للجنة العمل السياسي "أمريكا باك"، وأعاد هيكلة أساليب الحملة مع تركيز خاص على ولاية بنسلفانيا، باعتبارها ولاية متأرجحة حاسمة.
ولفتت إلى أن ماسك نظّم مسابقة يانصيب بقيمة مليون دولار لجذب بيانات الناخبين تحت شعار دعم حرية التعبير وحقوق حمل السلاح، مما عزز موارد حملة ترامب الدعائية، وحسّن قاعدة بياناتها الانتخابية، في خطوة تعكس رغبة ماسك في استثمار السياسة بنفس القوة التي يبديها في مشاريعه.
وأكدت "لوفيغارو" أن طموحات ماسك تتجاوز مجرد مساعدة مرشح؛ فقد وُعد بدور "العقل الإستراتيجي" في وزارة مقترحة لكفاءة الحكومة، تهدف إلى تقليص الإنفاق الفيدرالي بمقدار 2 تريليون دولار.
مشيرة إلى أن هذا الدور يثير مخاوف تضارب المصالح نظرًا لتشعب إمبراطوريته التجارية، التي تعتمد بشكل كبير على العقود الحكومية مثل شركة "سبيس إكس" و"ستارلينك".
ورغم ذلك، يبدو ماسك متحمسًا لتطبيق رؤيته في إدارة الحكومة مدعومًا بفرقه من عالم التكنولوجيا، بحسب الصحيفة.
وأوضحت أنه رغم استفادة ماسك الواضحة، حيث ارتفعت قيمة أسهم تسلا بأكثر من 40% بعد الانتخابات، ما أضاف 32 مليار دولار إلى ثروته، إلا أن نفوذه المتزايد على السياسة الأمريكية يثير جدلًا.
واختار أعضاء من البرلمان الأوروبي من اليمين المتطرف ترشيح ماسك لجائزة ساخاروف، مشيدين بـ"نضاله من أجل حرية التعبير"، رغم انتقادات واسعة اعتبرت هذا الترشيح ساخرًا بالنظر إلى مواقف رجل الأعمال الانتقائية التي تخدم مصالحه الخاصة.
وبحسب الصحيفة، تتسم علاقة ماسك بحرية التعبير بالتعقيد، إذ يروج لها، لكنه يتجنب انتقاد الصين،التي تعد سوقًا رئيسية لشركة تسلا، مشيرة إلى أنه من خلال منصته "إكس" (تويتر سابقًا)، وسّع ماسك نطاق خطاب ترامب، خاصة حول الهجرة، وساهم في تعزيز الروايات التي تشكك في نزاهة الإعلام وشفافية الانتخابات، ومع تزايد استقطاب المستخدمين على "إكس"، استمر ماسك في انتقاده للإعلام التقليدي، واصفًا إياه بـ"الكاذب".
وختمت الصحيفة بالقول إن مغامرة ماسك في السياسة تتماشى مع أسلوبه المعروف في تحدي الأنظمة القائمة، موضحة أنه مع إعادة تشكيله للتداخل بين التكنولوجيا، والأعمال، والسياسة، تطرح أفعاله تساؤلات حول توازن القوى، ومدى تأثير عمالقة التكنولوجيا في الديمقراطيات الحديثة.
