صحة غزة: الهجمات الإسرائيلية في الساعات الـ24 الماضية قتلت 68 شخصا وأصابت 362 آخرين

logo
العالم

ألمانيا تتحصن تحت الأرض.. هل اقترب سيناريو المواجهة مع موسكو؟

ألمانيا تتحصن تحت الأرض.. هل اقترب سيناريو المواجهة مع موسكو؟
جندي من القوات المسلحة الألمانية يُشرف على مدفع رشاش إم ج...المصدر: (أ ف ب)
10 يونيو 2025، 2:59 م

بعد أن كانت أوروبا تُراهن على السلام الدائم منذ نهاية الحرب الباردة، عادت إليها مشاهد الحرب لتفرض نفسها على الأجندة الألمانية من جديد.

وبدأت برلين، خطوات عملية لوضع خطط لبناء ملاجئ محصنة تحت الأرض، في مؤشر واضح على أن القلق من هجوم روسي لم يعد مجرد هاجس أمني، بل صار مدرجًا ضمن الأولويات الاستراتيجية للحكومة الألمانية.

وحذر رئيس المكتب الاتحادي للحماية المدنية والمساعدة في حالات الكوارث، رالف تيسلر، من أن ألمانيا ليست مستعدة بالشكل الكافي، داعيًا إلى إدراك حقيقة الصراع في أوروبا. 

سباق مع الزمن

وأوضح تيسلر أن بلاده تخوض سباقًا مع الزمن، ليس فقط من أجل بناء ملاجئ جديدة، بل لإعادة تهيئة الهياكل التحتية القائمة، مثل الأنفاق ومحطات المترو والمواقف السفلية، لتوفير حماية سريعة لمليون شخص على الأقل في حال وقوع حرب كبرى.

وفي سياق متصل، كشفت رئيسة المكتب الاتحادي للمشتريات العسكرية أنيت لينيغك أن أمام الجيش الألماني ثلاث سنوات فقط ليحوز العتاد اللازم للتصدي لأي هجوم محتمل من جانب روسيا على أراضي الناتو. 

وفي السياق ذاته، حذر الجنرال كارستن بروير، المفتش العام للجيش الألماني، من قدرة روسيا بحلول 2029 على شن هجوم واسع النطاق على دول الحلف، مما يجعل عام 2028 تاريخًا حاسمًا في سباق التسلح الألماني.

وفي ظل هذا التوتر الجيوسياسي المتصاعد، تبقى التساؤلات قائمة، حول استعداد الألمان لردع خطر حقيقي، أم أنهم يبالغون في حجم التهديد الروسي، فيما تثار التساؤلات عما إذا كان بوتين سيسلك بالفعل طريقا يقود إلى مغامرة عسكرية كبرى في قلب أوروبا.

صراع استراتيجي

ويرى الخبراء أن القلق الألماني المتزايد من احتمالات هجوم روسي لم يأتِ من فراغ، بل يعكس إدراكًا أوروبيًا لتحول الحرب في أوكرانيا إلى صراع استراتيجي مفتوح، قد يتجاوز حدوده الجغرافية. 

واعتبر الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن رفع وتيرة الدعم العسكري لأوكرانيا، خاصة من قبل ألمانيا، يترافق مع تحضيرات داخلية تشمل بناء الملاجئ وتعزيز البنية التحتية الدفاعية، تحسبًا لأي رد فعل روسي مباشر أو غير مباشر. 

وأشار إلى أن برلين باتت تنظر إلى الحرب من زاوية الأمن القومي الشامل، وهو ما يفسر استعدادها لتعبئة المجتمع لمواجهة سيناريوهات تصعيد محتملة قد تفرضها موسكو في إطار معادلات جديدة على النظام الدولي.

وأضاف الخبراء أن هناك بُعدا سياسيا واقتصاديا وراء تضخيم التهديد الروسي لا سيما مع ضغوط أمريكية على دول الناتو لزيادة الإنفاق الدفاعي. 

وأكد إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، أن العلاقة بين مستوى الدعم الأوروبي لأوكرانيا واحتمالية التصعيد الروسي باتت طردية، موضحًا أنه كلما زادت المساعدات العسكرية الأوروبية، زاد احتمال حدوث رد فعل روسي، والعكس صحيح.

مواجهة سيناريوهات تصعيدية

وأضاف كابان، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن إعلان الحكومة الألمانية عن مخاوفها من التهديدات الروسية، ودعوتها لتعزيز إجراءات الحماية وبناء الملاجئ، يعكس استعدادا متزايدا لمواجهة سيناريوهات تصعيدية محتملة، سواء عسكرية أو غير تقليدية.

وأوضح أن الدعم الألماني المتنامي لأوكرانيا بأسلحة متطورة يتوازى مع إجراءات داخلية لرفع جاهزية المجتمع، من خلال تعزيز التماسك المجتمعي والاستعداد المدني لأي رد فعل روسي مباشر أو غير مباشر.

وأشار كابان إلى أن الحرب في أوكرانيا تجاوزت كونها نزاعا إقليميا، لتتحول إلى صراع استراتيجي تتبناه روسيا ضمن شروط تصعيد تفرضها بما يخدم مصالحها الجيوسياسية، لا سيما في مناطق شرق أوروبا. 

ولفت إلى أن ألمانيا، ومعها أوروبا عمومًا، باتت تنظر إلى الحرب من منظور الأمن القومي الشامل، في تحول يعكس إدراكا متزايدا لاحتمال توسّع المواجهة وفرض معادلات جديدة في النظام الدولي.

ومن ناحيته، أكد محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن التوسع في بناء الملاجئ ورفع الإنفاق العسكري في دول أوروبية مثل ألمانيا وفنلندا والسويد، يعكس ما وصفه بـ"خيال النخبة الأوروبية الجديدة" التي تسعى لإقناع شعوبها بأن ثمة تهديدا وجوديا يستدعي الاستعداد له.

 ضغوط أمريكية

وأوضح الأفندي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذا الاتجاه يأتي في ظل ضغوط أمريكية على دول الناتو لرفع إنفاقها الدفاعي إلى ما لا يقل عن 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمثل عبئا هائلا على الميزانيات الوطنية، خصوصًا في ظل التباطؤ الاقتصادي الحالي.

وأشار الخبير في الشؤون الروسية إلى أن ألمانيا قد تلجأ لأول مرة إلى الاقتراض لتغطية الزيادة في موازنتها العسكرية، في ظل هذا التصعيد.

وأضاف أن هذا المسار السياسي يهدف إلى تبرير السياسات التقشفية والعسكرية أمام الرأي العام، مشيرًا إلى وجود مساعي لإعادة إحياء ما وصفه بـ"أمجاد ألمانيا"، مستشهدا بخلفية المستشار الألماني الحالي، فريدريش ميرتس، الذي ينحدر من عائلة لها ارتباطات تاريخية بالمؤسسة العسكرية الألمانية.

أخبار ذات علاقة

الدكتورة فلورنس بيرجو-بلاكليه

خبيرة فرنسية: بنية الظل لـ"إخوان أوروبا" تمتد إلى التعليم والرياضة والتوظيف

طوق النجاة

ورأى الأفندي أن ما يحدث لا يقتصر على ألمانيا، بل يمتد إلى دول أخرى مثل السويد وفنلندا وبريطانيا، وربما يشمل لاحقًا فرنسا وبلجيكا وإسبانيا، مع تصاعد خطاب "الخطر الروسي" كمبرر لسياسات التسلح وزيادة المخصصات الدفاعية.

واختتم بالقول إن الحرب الأوكرانية تحولت إلى "طوق نجاة" للنخب الأوروبية، تستخدمه لتبرير فشلها الاقتصادي وانهيار نظمها المالية، وتروج في الوقت ذاته لخطاب متناقض، يدعي أن روسيا أصبحت ضعيفة بسبب العقوبات الغربية، وهو ما يعكس حالة من الارتباك والانفصام داخل دوائر صنع القرار الأوروبي.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC