logo
العالم

خوارزميات واختراقات.. الذكاء الاصطناعي يؤجج "حرب السدود" بين بكين ونيودلهي

صورة جوية لمحطة "يباتان" للطاقة الكهرومائية في الصين.المصدر: منتدى شرق آسيا

تحوّل نهر براهمابوترا العابر للحدود بين الصين والهند، إلى مسرح صراع جديد تتداخل فيه المياه مع الخوارزميات؛ إذ أصبح التحكم في أنظمة الذكاء الاصطناعي والبنى التحتية الذكية حربًا رقمية صامتة بين البلدين.

أخبار ذات علاقة

سد هندي في منطقة التبت

"حرب السدود".. الهند والصين تتسابقان على "تسليح المياه" في جبال الهيمالايا

ففي منتصف عام 2025، أطلقت الهند مبادرة ضخمة بقيمة 77 مليار دولار لبناء أكثر من 200 سد في شمال شرق البلاد، خصوصًا في ولاية أروناتشال براديش، وهي منطقة تطالب بها الصين باعتبارها جزءًا من "التبت الجنوبية"، بطاقة إجمالية تصل إلى 75 غيغاواط؛ ما يعكس سباقًا متسارعًا مع الصين، التي تمضي بدورها في تنفيذ مشروعها العملاق عند منعطف يارلونغ–تسانغبو في جنوب شرق التبت، في مواجهة جيوسياسية تتجاوز حدود الطاقة النظيفة.

أخبار ذات علاقة

أزمة نهر ياكسيا بين الهند والصين

نهر ياكسيا.. "حرب السدود" تشتعل بين الهند والصين (إنفوغراف)

وبينما تسعى نيودلهي إلى نقل أكثر من 76 غيغاواط من الطاقة الكهرومائية من حوض براهمابوترا بحلول عام 2047، عبر شبكة معقدة تضم 208 سدود ومنشآت تخزين ضخمة، فإن مشروع "أبر سيانغ" متعدد الأغراض، يتصدر هذه الخطة، ويُتوقع أن يصبح أكبر سد في الهند. 

ورغم تقديم مشروع السد رسميًا كجزء من التحول الأخضر، إلَّا أن خلفيته الاستراتيجية أوضح: تقليص الهيمنة الصينية أعلى مجرى النهر، وتعزيز أمن المياه والطاقة في مواجهة نفوذ متزايد من التبت.

وفي المقابل، تمثل السدود الصينية عند "المنعطف العظيم" مشروعًا غير مسبوق، بطاقة قد تصل إلى 80 غيغاواط، أي ما يقارب 3 أضعاف سد الممرات الثلاثة، وبتكلفة تتجاوز 160 مليار دولار.

وكشفت مصادر أن بكين تصف المشروع بأنه ركيزة لانتقالها البيئي، لكن الهند تنظر إليه كأداة ضغط استراتيجية، خاصة في ظل تاريخ من الشكوك، أبرزها امتناع الصين سابقًا عن مشاركة بيانات هيدرولوجية حساسة قبل فيضانات مدمرة.

ويحذر الخبراء من أن غياب أي آلية مشتركة لإدارة مياه براهمابوترا يعمّق هذا التوتر؛ فالهند تخشى أن توظف الصين ما تسميه "النفوذ الهيدرولوجي" للتأثير على التدفقات المائية، سواء عبر التحكم في الفيضانات أو التسبب في جفاف مصطنع، وتزداد هذه المخاوف مع حديث صيني متكرر عن مشاريع لتحويل مياه النهر نحو مناطق داخلية أخرى.

ويعتقد مراقبون أن جوهر الصراع لم يعد مرتبطًا بالسدود كمنشآت خرسانية فقط؛ فالهند والصين تربطان مشاريع الطاقة الكهرومائية ببنى رقمية معقدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وبينما تدمج الصين سدودها في شبكة كهرباء وطنية تعمل وفق ما تسميه "عقل الطاقة الذكي"، فإن الهند تعمل على تطوير أنظمة مراقبة رقمية للسدود، ونماذج ذكية لإدارة الرواسب، وربطًا مباشرًا بين الطاقة الكهرومائية والسيادة الرقمية.

وهذا التداخل بين الماء والرقمنة، فاقم المخاوف الأمنية المتبادلة؛ فبكين تنظر إلى السدود الهندية المدعومة بشراكات أمريكية ويابانية بقلق، وتخشى أن تتحول إلى منصات مراقبة غير مباشرة للشبكات الصينية، وفي المقابل، ترى نيودلهي في مشروع "المنعطف العظيم" منصة مزدوجة الاستخدام، تجمع بين التحكم الهيدرولوجي وإمكانيات مراقبة تعتمد على الأقمار الاصطناعية والذكاء الاصطناعي.

المخاطر تتضاعف في ظل اعتماد الجانبين على أنظمة ذكاء اصطناعي للتنبؤ بالفيضانات وإدارة الشبكات الكهربائية؛ ما يهدد بأن يشعل أي هجوم سيبراني يستهدف بوابات التصريف، أو خوارزميات توازن الشبكة، أو شبكات الاستشعار، أزمة سياسية أو أمنية واسعة قد تتحول إلى شرارة أزمة إقليمية يصعب احتواؤها.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC