مع تزايد الضغوط الأمريكية على فنزويلا، وحالة الشك التي تطبع قرارات الرئيس دونالد ترامب المتأرجحة بشأن شن ضربة من عدمها، وتأكيده أن أيام الرئيس نيكولاس مادورو باتت معدودة، تتجه الانظار إلى الداحل الفنزويلي، وموقف الجيش تحديداً باعتباره القوة الوحيدة القادرة على إحداث تغيير النظام من الداخل.
وبحسب موقع "آمريكاس كوارتلي"، فإنه بعد أكثر من عام على إعلان المعارضة الفنزويلية فوز مرشحها، إدموندو غونزاليس، على نيكولاس مادورو في صناديق الاقتراع، يبدو أن نهاية نظام مادورو في فنزويلا أقرب إلى التحقق من أي وقت مضى.
ويؤكد الموقع أنه في ظل غياب أي أفق لإنهاء حكم مادورو سياسياً، تبقي القوات المسلحة الفنزويلية الجهة الفاعلة الرئيسة في تحديد ما إذا كان الرئيس سيبقى في السلطة أم ستشهد فنزويلا نوعًا من انتقال القيادة.
ويرى التقرير، أنه في حين يبدو الغزو العسكري الأمريكي لفنزويلا مستبعداً للغاية، فإن أي مفاوضات بين مسؤولي إدارة ترامب وأعضاء المعارضة الفنزويلية، قد تُؤدي إلى انقسامات داخل النظام ما يدفع الجنرالات إلى التغيير.
وأكد أنه في حال تحقق هذا السيناريو فلن تكون هذه المرة الأولى التي تشهد فيها أمريكا اللاتينية تحولاً من الحكم الاستبدادي، ففي موجة التحول الديمقراطي الكبرى التي شهدتها المنطقة في ثمانينيات القرن الماضي، لم ينتهِ حكمان ديكتاتوريان إلا بتدخل عسكري خارجي: حكم مانويل نورييغا في بنما، الذي انتهى بعملية "القضية العادلة" عام 1989، وحكم راؤول سيدراس في هايتي، الذي انتهى بعملية "الحفاظ على الديمقراطية" عام 1994، أما الأنظمة الأخرى، فقد انتهت جميعها بتدخلات داخلية.
ويتوقع الموقع، أن تلعب القوات المسلحة الفنزويلية دوراً كبيراً وفاعلاً في أي عملية انتقالية للحكم، مشيراً إلى أنه إذا لعب الجيش دورًا مهيمنًا في عملية إسقاط الرئيس نيكولاس مادورو، فإن الجيش سيدير عملية انتقالية مُحكمة مع تأخير إصلاحات أعمق، كما حدث في البرازيل وتشيلي.
وأشار إلى أنه في ظل الوضع الراهن، يظل هذا هو السيناريو الأكثر ترجيحًا، مع أن فرصة قيام الجيش الوطني الشعبي بدور محوري قد تتقلص بسرعة مع استمرار ضعف موقعه، لكن موارد فنزويلا الهائلة، وتحدياتها الأمنية الإقليمية، وهياكل السلطة الراسخة، ستبرر الاحتفاظ بجيش تقليدي تحت سيطرة ديمقراطية جديدة.
وخلص التقرير إلى أن مرحلة ما بعد مادورو، ستفرض على قادة فنزويلا الجدد السعي إلى نزع السلاح والاحترافية تدريجيًا، مع الموازنة بين الحاجة إلى الاستقرار والمساءلة والسيطرة المدنية، وهو نهج قد يُحدد المسار الديمقراطي للبلاد لعقود قادمة، موضحاً أنه بإمكان فنزويلا أن تستفيد من النماذج المجربة في المنطقة لرسم مسار جديد ــ مسار يعيد تصور القوات المسلحة باعتبارها ديمقراطية ومهنية وتركز على المهمة ــ على أساس أمريكا اللاتينية التي تظل خالية إلى حد كبير من الحرب.