مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
يعكس فشل توقيع معاهدة الدفاع المشترك بين أستراليا وبابوا غينيا الجديدة، والمعروفة باسم معاهدة "بوكبوك"، حجم التحديات التي تواجه كانبيرا في تعزيز نفوذها الأمني في المحيط الهادئ، خصوصا في ظل تزايد النفوذ الصيني في المنطقة.
وكان من المتوقع أن يوقع الزعيمان الأسترالي أنتوني ألبانيز والبابوي جيمس مارابي الاتفاق يوم الأربعاء، وهو الاتفاق الذي ينص على التزام الدولتين بالدفاع عن بعضهما البعض في مواجهة "تهديدات ناشئة" للأمن، وفق صحيفة "يوراسيان تايمز".
لكن البيان المشترك الصادر عن الجانبين اكتفى بالإشارة إلى أن التوقيع سيتم "بعد إجراءات مجلس الوزراء في كلا البلدين"، دون توضيح الأسباب الدقيقة للتأخير.
ووفقا لمسؤولين أستراليين، جاء التأخير جزئيا بسبب احتفالات بابوا غينيا الجديدة بالذكرى السنوية لاستقلالها، لكن تأجيل التوقيع للمرة الثانية هذا الشهر يسلط الضوء على صعوبات دبلوماسية أوسع تواجهها كانبيرا في المنطقة.
ففي الأسبوع الماضي، غادر ألبانيز دولة فانواتو دون التوصل إلى اتفاق رئيس، بعد أن أبدى رئيس وزراء فانواتو، جوتام نابات، مخاوفه من أن مشروع القانون المقترح قد يقيّد قدرة بلاده على الحصول على تمويل البنية التحتية من مصادر أخرى.
تسعى أستراليا إلى تعزيز علاقاتها مع دول المحيط الهادئ في محاولة لمواجهة نفوذ بكين المتزايد، خصوصا أن بابوا غينيا الجديدة تمثل أكبر دولة وأكثرها اكتظاظا بالسكان في ميلانيزيا.
ويشير ميهاي سورا، رئيس برنامج جزر المحيط الهادئ في معهد لووي، إلى أن "البلدين لديهما حوافز قوية لتعزيز تعاونهما الأمني خلال فترة من الضغوط الجيوسياسية الشديدة والتواجد المتزايد للصين في المنطقة".
وأضاف: "الصين هي الطرف الوحيد الذي قد يخسر من اتفاق الدفاع المتبادل بين أستراليا وبابوا غينيا الجديدة".
كان الاتفاق يهدف إلى تعزيز التعاون الدفاعي من خلال تطوير القدرات العسكرية والتشغيل البيني، وضمان أن أي ترتيبات مع أطراف ثالثة لن تؤثر على قدرة أي من الطرفين على تنفيذ المعاهدة، وهي إشارة واضحة إلى النفوذ الصيني المتنامي في المحيط الهادئ.
كما كان الاتفاق يتيح لمواطني البلدين الخدمة في جيوش بعضهما البعض، لتعزيز الروابط العسكرية والتدريب المشترك بعد أكثر من 50 عاما على استقلال بابوا غينيا الجديدة عن أستراليا.
في السنوات الأخيرة، دفعت الصين مليارات الدولارات إلى دول المحيط الهادئ، مولت خلالها مشاريع مستشفيات وطرق وملاعب رياضية، في محاولة لكسب التأييد السياسي وتعزيز النفوذ.
ووفقا لخبراء، أثمرت هذه الاستثمارات؛ إذ قطعت جزر سليمان وكيريباتي وناورو علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان لصالح الصين؛ ما يشير إلى نجاح الاستراتيجية الصينية في المنطقة.
ويقول سورا إن محاولة أستراليا "تعكس معركة دبلوماسية بالسكاكين في المحيط الهادئ"، مضيفا أن الولايات المتحدة كانت مارست ضغوطا مكثفة على حلفائها لتعزيز المعاهدة هذا العام.
ومع ذلك، يواجه التحالف أستراليا-بابوا غينيا الجديدة صعوبات داخلية ودبلوماسية، وهو ما قد يحدّ من فعالية الاتفاق في مواجهة النفوذ الصيني على المدى الطويل.
ويبقى تأجيل التوقيع على معاهدة بوكبوك مؤشراً على حجم التحديات التي تواجه أستراليا في سعيها لتأمين نفوذها في المحيط الهادئ. فبينما تحاول كانبيرا تعزيز العلاقات العسكرية والدفاعية مع جيرانها، تتصاعد قوة الصين الاقتصادية والدبلوماسية في المنطقة؛ ما يجعل أي اتفاق مستقبلي عرضة للانزلاق في أزمات سياسية ودبلوماسية.
وفي ظل هذه البيئة، يبدو أن تعزيز التعاون الأمني بين أستراليا وبابوا غينيا الجديدة سيكون اختبارا حقيقيا لقدرة كانبيرا على مواجهة التحديات الإقليمية المعقدة وإثبات نفوذها في واحدة من أكثر المناطق حساسية استراتيجيا في العالم.