يعمل الجيش الأمريكي على تطوير الميناء الرئيس في بالاو، الذي ترتاده عادة قوارب الغوص المليئة بالسياح المتجهين إلى البحيرات الزمردية، حتى تتمكن السفن الحربية الأمريكية من دخول القنوات الضيقة للدولة الجزيرة الواقعة في المحيط الهادئ.
وسيتم توسيع الرصيف ورفعه، وإنشاء مركز لوجستي جديد مزود بمستودع، ما يُمكّن سفن البحرية الأمريكية من التزود بالوقود وإعادة التحميل والتسليح.
ويأتي كل هذا في إطار جهد أوسع نطاقًا لتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في غرب المحيط الهادئ، ما يسمح بالتعبئة السريعة للقوات الأمريكية في حالة نشوب صراع يشمل الصين.
وكشف تحقيق أجرته صحيفة "واشنطن بوست" على مدى أشهر أن شركات صينية استأجرت أراضيَ أو بنت عقارات لمشاريع سياحية بالقرب من الميناء والمطار ومركز مراقبة ساحلي أمريكي ونظام رادار أمريكي "فوق الأفق".
وقال المسؤولون إن هذه الإيجارات أو المباني الصينية قد توفر لبكين ليس فقط رؤية شاملة للتواجد الأمريكي المتزايد في بالاو، ولكن أيضًا فرصًا لتعطيل الأنشطة العسكرية الأمريكية.
وبحسب السجلات التي كشفت عنها "واشنطن بوست"، بما في ذلك تقييم استخباراتي أمريكي وأجزاء من إحاطة الأمن الوطني في بالاو، فإن بعض المشاريع لها صلات بمجموعات يزعم أنها مرتبطة بالجريمة المنظمة.
ويشعر المسؤولون في كلا البلدين بالقلق من أن هذه المجموعات قد تعمل كوكلاء لبكين، مكملة الأهداف التوسعية للحزب الشيوعي الصيني.
قال رئيس بالاو، سورانجيل ويبس الابن، "الصينيون متطورون للغاية، إنهم يلعبون لعبة طويلة الأمد، إنهم يعرفون تمامًا ما يفعلونه، لذا علينا أن نكون أكثر ذكاء".
وموقع بالاو، أرخبيل ميكرونيزي يضم أكثر من 300 جزيرة شرق الفلبين، جعلها ذات قيمة استراتيجية منذ زمن طويل، احتلتها اليابان خلال النصف الأول من القرن العشرين، ثم خاضت معارك دامية مع الولايات المتحدة هناك خلال الحرب العالمية الثانية.
وتُعدّ بالاو اليوم حلقة وصل مهمة في سلسلة الجزر الثانية، وهي سلسلة من المواقع الخارجية تمتد من اليابان عبر غوام وميكرونيزيا إلى إندونيسيا، والتي تعمل الولايات المتحدة على تحصينها للحد من توسع الصين، (تشمل سلسلة الجزر الأولى تايوان، وهي أقرب إلى الصين).
يرى الجيش الأمريكي، الذي يتمتع بنفوذ واسع في بالاو كجزء من اتفاقية ارتباط حر، أن هذه الدولة الجزرية جزء صغير، ولكنه أساسي من استراتيجيته لتوزيع القوات بسرعة وبسط النفوذ في المنطقة.
وتعهد الزعيم الصيني شي جين بينغ بالسيطرة على تايوان، بالقوة إذا لزم الأمر، ما قد يُدخل الولايات المتحدة في صراع عسكري، في غضون ذلك، أقنعت بكين عدة دول في المنطقة بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع هذه الديمقراطية ذاتية الحكم التي تدّعي الصين أنها مقاطعة تابعة لها، بالاو واحدة من ثلاث دول فقط في المحيط الهادئ لا تزال تعترف بتايبيه متفوقةً على بكين.
وقال ويبس إنه بعد وقت قصير من انتخابه لأول مرة في 2020، تلقى اتصالًا من سفير الصين لدى ولايات ميكرونيسيا المتحدة، الذي عرض "مليون" سائح سنويًا لملء الفنادق التي تبنيها الصين، مقابل تخلي بالاو عن تايوان.
أما جيسيكا سي. لي، سفيرة تايوان لدى بالاو فقالت: "هذه قضية أمن قومي، ليس فقط لبالاو، بل أيضًا لتايوان والولايات المتحدة، إذا حُسمت مهمة إنزال، فسيكون الصينيون قادرين على قطع الكابلات في بالاو، وتفعيل أجهزة على أسطح المنازل، وأي شيء آخر في وسعهم لتأخير رد فعل الولايات المتحدة على العدوان الصيني".
