logo
العالم

بدبلوماسية ترامب.. أذربيجان وأرمينيا تدشنان "النظام العالمي الناشئ"

ترامب يتوسط إلهام علييف ونيكول باشينيانالمصدر: رويترز

بعد أكثر من شهرين على اتفاق سلام تاريخي بين أذربيجان وأرمينيا بوساطة من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فإن نتائج متوقعة "استراتيجية" قد تتجاوز مجرّد إنهاء صراع دام استمرّ ثلاثة عقود، إلى ملامح بروز "نظام عالمي ناشئ".

وبحسب تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست"، فإن اتفاق السلام من شأنه أن يعيد رسم خريطة التوازنات الجيوسياسية في جنوب القوقاز، بعد الاختراق الكبير الذي حققته إدارة ترامب بقيادة ستيف ويتكوف، وهو ما عجزت عنه إدارات أمريكية سابقة وجهات دولية أخرى، بما في ذلك روسيا والاتحاد الأوروبي.

أخبار ذات علاقة

الدمار في غزة

أذربيجان المرشح الأول.. إدارة ترامب تعيد صياغة "القوة الدولية" في غزة

وفي 8 أغسطس/ آب الماضي، عندما أعلن ترامب من البيت الأبيض عن اتفاق سلام شامل بين أذربيجان وأرمينيا، بحضور رئيسي البلدين، إلهام علييف ونيكول باشينيان، كان يصنع "تحولاً أعمق في النظام العالمي الناشئ، حيث يصبح احترام السيادة الوطنية والمعاملات الاستراتيجية العملية أساساً للعلاقات الدولية"، بحسب "ناشيونال إنترست".

والاتفاق الذي يجمع بين حل النزاعات العسكرية، وصنع السلام، وربط شبكات النقل والطاقة، مع فتح فرص تجارية واسعة، كان العنصر السري في نجاحه "الدبلوماسية الترامبية" التي ركزت على احترام سيادة الدول المعنية، وهو ما غاب عن المحاولات السابقة"، بحسب مصادر مطلعة على الاتفاق.

مكاسب ملموسة

غادر القادة الثلاثة المبنى بمكاسب ملموسة، فقد دافع كل منهم عن مصالح بلاده الوطنية دون تنازلات كاملة، وبالنسبة لعلييف وباشينيان، تمثل الحدود ليست مجرد خطوط جغرافية، بل رموزاً للسيادة والوحدة الوطنية. وهذا الفهم يتوافق مع شعار "أمريكا أولاً" الذي يدافع عنه ترامب، حيث يُعتبر ما يحدث داخل الحدود أولوية على الشؤون الخارجية. 

ونتيجة لذلك، أثبت ترامب قدرته على التعامل مع الدول الصغيرة كشركاء متساوين، مما يفسر فشل الجهات الأخرى التي عجزت عن قبول رفض هذه الدول للتدخل الخارجي في هوياتها الدولية.

ومن أبرز ملامح الاتفاق إنشاء "طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين" الذي يُعيد تقييم الأهمية الاستراتيجية للممر الأوسط. وهذا الممر، الذي يربط جنوب القوقاز بآسيا الوسطى، سيصبح "محايداً مفتوحاً لجميع أنواع التجارة"، كما وصفه الخبير نيكولاس غفوسديف. 

ويؤكد الاتفاق أن الولايات المتحدة لن تقدم ضمانات أمنية صارمة أو تنشر قوات عسكرية، بل سيكون تدخلها تجارياً بحتاً، من خلال ضمان تشغيل الطريق بأمان لجميع الأطراف عبر اتفاقيات مع مشغلين دوليين. وفي وصف بليغ من أحد المشاركين في الإعداد للقمة، قال: "دورنا هو توفير المظلة والمظلات عند الحاجة، لكننا لن نحاول تغيير الطقس".

ردود الفعل الإقليمية كانت إيجابية نسبياً، رغم الاعتراضات الأولية من إيران وروسيا، إذ قدمت أرمينيا ضمانات لحليفتها روسيا بأن البنية التحتية لـTRIPP ستعمل وفقاً للقانون الأرمني، كما أكد باشينيان. أما أذربيجان، فقد هدأت المخاوف الإيرانية وأصلحت علاقاتها مع موسكو مؤخراً.

 ويأتي ذلك في ظل موقع أذربيجان الجيواقتصادي الفريد، حيث تندمج في نهاية TRIPP مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وتقع عند تقاطع ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، الذي أنشأته الهند وإيران وروسيا في مطلع القرن.

رغم الاختلافات بين يريفان وباكو، حيث تُعد أرمينيا أصغر حجماً وسكاناً وأقل استقراراً مقارنة بأذربيجان الغنية بالثروات، إلا أن قرارهما المشترك بالتوجه إلى واشنطن يعكس اتجاهاً عالمياً أوسع. 

نهج ترامب

يتجاهل المجتمع الدولي تدريجياً الرؤية الليبرالية القائمة على "الأسواق المفتوحة، المؤسسات الدولية، الأمن التعاوني، والسيادة المشتركة"، التي سادت بعد الحرب الباردة. وبدلاً من ذلك، يبرز نموذج "المعاملات الاستراتيجية"، الذي يركز على الجمع والضرب بدلاً من الطرح والقسمة، مستخلصاً المزيد من المزيد.

وهذا النهج، الذي تبنته الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب، يُعتمد أيضاً من قبل عشرات الدول غير الأعضاء في مجموعة العشرين، والدول المحورية، والصغيرة والمتوسطة، ويعني الانفتاح على جميع القوى الخارجية دون السماح بالتدخل أو الفرض، مع رفض أي ادعاءات بالهيمنة أو مناطق النفوذ. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC