الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

بين قرقعة السلاح ولغة الحوار.. هل يشتري ترامب الوقت لانتزاع تنازلات من مادورو؟‎

ترامب ومادورو

في غضون أيام قليلة فقط، انتقل خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو من إبداء الاستعداد لـ"الحديث معه في مرحلة ما"، إلى التشديد على أن جميع الخيارات العسكرية ما زالت مطروحة، بالتزامن مع أكبر حشد للقوة البحرية الأمريكية في الكاريبي منذ عقود.

هذا التناقض الظاهري يطرح سؤالًا جوهريًا، وفق مراقبين؛ فهل يناور ترامب لشراء الوقت وانتزاع تنازلات، أم أنه يهيئ المسرح فعلًا لضربات عسكرية قد تهدد بقاء نظام الرئيس مادورو؟

قبل ساعات من وصول حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد فورد" إلى الكاريبي، قال ترامب إن الولايات المتحدة "قد تكون لديها بعض النقاشات" مع مادورو، مؤكدًا أن فنزويلا "ترغب في الحديث"، لكن الرئيس الأمريكي نفسه كرر في أكثر من مناسبة أنه لا يستبعد إرسال قوات برية إلى فنزويلا، وأنه "لا يستبعد شيئًا"، في وقت تستمر فيه الضربات الجوية والبحرية الأمريكية ضد قوارب تقول واشنطن إنها تُستخدم في تهريب المخدرات من سواحل فنزويلا، وقد أودت هذه العمليات بحياة العشرات خلال الأسابيع الماضية. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

"دو لوس سوليس".. خفايا الذريعة الأمريكية للحملة ضد فنزويلا

مناورة لكسب الوقت أم ضغط منظّم لانتزاع تنازلات؟

يرى عدد من الخبراء أن الجمع بين "لغة الحوار" و"لغة السلاح" هو جزء من تكتيك تفاوضي معتاد لدى ترامب. فبحسب تحليلات نُشرت في صحف غربية، فإن البيت الأبيض يحاول رسم معادلة تقوم على فتح "باب اتصال مشروط" مع مادورو، مقابل تصعيد عسكري وضغوط اقتصادية وقانونية، من بينها السعي لتصنيف شبكة "كارتيل دي لوس سولِس" التي تتهم واشنطن الرئيس الفنزويلي بقيادتها، كمنظمة إرهابية أجنبية.

وفق هذا المنظور، لا يبدو هدف الإدارة الأمريكية آنيًا هو فتح مفاوضات سياسية شاملة، بقدر ما هو اختبار مدى استعداد مادورو لتقديم تنازلات محددة: في ملف تهريب المخدرات، وإطلاق سراح سجناء أمريكيين، وربما فتح ثغرات داخل النظام نفسه.

ويشير محللون إلى أن تصريحات ترامب عن أن "مادورو يريد التحدث"، تتزامن مع تسريبات عن قنوات اتصال غير مباشرة ترعاها أطراف إقليمية، لكن من دون أي التزامات أمريكية بتجميد التصعيد العسكري.

في المقابل، يحاول مادورو استثمار الحديث عن احتمال الحوار لتصوير نفسه، داخليًا، كزعيم قادر على فرض الاعتراف به بوصفه لاعبًا لا يمكن تجاوزه، وفي الوقت ذاته يستعد للسيناريو الأسوأ، عبر تحشيد واسع للميليشيات الموالية واستعراض تدريبات عسكرية على حرب شوارع طويلة الأمد في حال وقع هجوم أمريكي.

هل تتجه واشنطن فعلًا إلى الضربة العسكرية؟

رغم هذا التلويح المستمر بالخيار العسكري، يتفق معظم الخبراء على أن شن حرب شاملة لإسقاط النظام الفنزويلي ليس خطوة سهلة. فواشنطن تواجه انتقادات داخلية متزايدة بشأن شرعية الضربات على "قوارب المخدرات" في الكاريبي، وغياب الشفافية حول هوية الضحايا وأدلة الاتهام، كما أن استطلاعات الرأي تُظهر معارضة شعبية لتوسيع العمليات نحو تدخل مباشر داخل الأراضي الفنزويلية.

مع ذلك، تشير تقارير مراكز أبحاث أمريكية إلى أن ترامب وقّع توجيهات سرية تسمح بتوسيع استخدام القوة ضد "عصابات المخدرات" في أمريكا اللاتينية، ونشر قوة بحرية كبيرة قادرة على تنفيذ ضربات دقيقة ضد بنى تحتية حيوية ومواقع عسكرية. وهذا يعني أن خيار الضربات المحدودة، لا سيما ضد أهداف مرتبطة بالشبكات التي تصفها واشنطن بـ"النركو-إرهابية"، يبقى واردًا، خصوصًا إذا قررت الإدارة الأمريكية تصعيد الضغط خطوة إضافية من دون الانخراط في حرب طويلة. 

أخبار ذات علاقة

حاملة طائرات وقطع بحرية وقاذفات أمريكية في الكاريبي

بوارج حربية وغواصات نووية.. حشد عسكري أمريكي غير مسبوق قبالة فنزويلا

هل يكفي القصف لإسقاط نظام مادورو؟

التقديرات الاستراتيجية تميل إلى أن ضربات عسكرية محدودة لن تسقط نظام كاراكاس وحدها، على الأقل في المدى القصير. فالمؤسسة العسكرية الفنزويلية، رغم ضعف تجهيزها مقارنة بالجيش الأمريكي، تستعد منذ سنوات لسيناريو حرب "لا متماثلة"، تشمل لجوء وحدات الجيش والميليشيات إلى تكتيكات حرب العصابات ونقل المواجهة إلى المدن، بما يجعل كلفة أي تدخل بري أمريكي باهظة وغير مضمونة النتائج.

كما أن أي هجوم أمريكي واسع قد يدفع حلفاء مادورو، من شبكات إجرامية عابرة للحدود وحتى أطراف دولية لها مصالح في النفط الفنزويلي، إلى توسيع دائرة الصراع بأشكال غير تقليدية، من تهريب مكثف للمخدرات والسلاح إلى استهداف مصالح أمريكية في أماكن أخرى من المنطقة.

لذلك، يرجح محللون أن يبقى الخيار المفضل لواشنطن في المدى المنظور هو الجمع بين الحصار الاقتصادي، والعقوبات الفردية، والضربات المحدودة، مع إبقاء "وهم المفاوضات" حاضرًا لاستخدامه أداةً إضافية في الضغط على مادورو وتقسيم معسكره الداخلي.

بين هذا وذاك، يبدو أن ترامب لا يخادع مادورو بقدر ما يمارس لعبته المفضّلة؛ رفع سقف التهديد إلى أقصى حد، مع ترك الباب مواربًا أمام صفقة ما، إذا قرر الطرف الآخر أن يدفع الثمن الذي تريده واشنطن. أما ما إذا كان هذا التصعيد سينتهي بضربة عسكرية حاسمة تُسقط النظام في كاراكاس، فذلك ما زال، حتى اللحظة، ورقة ضغط أكثر منه خطة عمل نهائية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC