الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
أصبحت ساحل العاج الوجهة المفضلة للفارين من مالي، التي تهزها أعمال عنف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وسط مخاوف السلطات من تسلل العناصر المتطرفة مع قوافل اللاجئين.
وفي مالي، لا يزال الوضع الأمني مقلقًا، لا سيما في جنوب البلاد، إذ على بُعد حوالي 50 كيلومترًا من الحدود الإيفوارية، تدور معارك بين متشددي جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وصيادي "الدوزو"، وفي مواجهة هذا العنف، تفر العديد من العائلات، ويتجه معظمها نحو شمال ساحل العاج.
وتعمل أبيدجان على تعزيز حدودها الشمالية في مواجهة نزوح المدنيين الفارين من العنف في مالي، وتتوقع حدوث أزمة إنسانية دائمة.
ووسط تصاعد التوترات على الحدود الشمالية لساحل العاج، أصدر مجلس الأمن الوطني، الذي يضم جميع أجهزة الأمن الإيفوارية، تحذيرًا من "تدفق غير عادي للاجئين"، وأمرًا بتعزيز الانتشار العسكري فورًا.
ويهدف الإجراء، إلى تحديد هوية العائلات التي تبحث عن الحماية ومنع أي تسلل للجماعات المسلحة، وفي بيان له، أوضح المجلس أنه "أُبلغ بتدفقات غير عادية للاجئين من مالي"، وأن "هذه التحركات ناجمة عن هجمات شنتها جماعات إرهابية مسلحة ضد المدنيين في عدة مناطق بجنوب مالي"، وبالتالي أمر "بتسجيل طالبي اللجوء هؤلاء". ولم يحدد البيان الجماعات المسلحة المسؤولة عن أعمال العنف.
والوضع الأمني المتفجر منذ أكثر من عقد في مالي يصل إلى قرى قرب الحدود الإيفوارية، ما دفع أبيدجان لتعزيز مواقعها العسكرية منذ عدة سنوات، كما فعلت دول الساحل الأخرى، خشية احتمال امتداد الصراع إلى أراضيها.
ومن بين أكثر الجماعات نشاطًا، جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة التي فرضت حصارًا على باماكو في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، مستهدفةً شاحنات نقل الوقود القادمة من السنغال وساحل العاج وأُحرقت عدة مركبات، وقُتل سائقون وجنود قرب الحدود.
وبالنسبة للسلطات المالية، لا يزال انتشار التهديد المباشر إلى العاصمة "مستبعدًا". إلا أن انعدام الأمن ينتشر إلى المناطق الريفية في الجنوب، مما أدى إلى نزوح جماعي نحو الحدود الإيفوارية.
ويؤكد العديد من المحللين الإيفواريين أن السيطرة العسكرية يجب أن تصاحبها استجابة إنسانية فعّالة لتجنب التوترات والتهميش.
وشهدت كوت ديفوار موجات مماثلة من اللاجئين من بوركينا فاسو. وخلال الشهر الحالي، أطلقت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) مشروعًا لمساعدة ما يقرب من 90 ألف نازح، هم أيضًا ضحايا العنف في بلادهم، بدعم الأسر المضيفة والبنية التحتية المحلية بأكثر من مليون دولار، حيث تُقدم هذه التجربة دروسًا قيّمة لإدارة تدفق الماليين.
وفي الصحافة المالية، كانت النبرة أكثر تحفظًا، لأنه ليس كل اللاجئين مرتبطين بجماعات مسلحة، بعضهم يفرّون من الجريمة المحلية، والبعض الآخر من عواقب الحصار أو انعدام الأمن العام. ويرى محللون أن الخطاب الإيفواري يمزج بين الأمن والرسائل السياسية، فتدعيم الحدود يُرسل إشارات إلى باماكو والقوى الدولية بأن أبيدجان تأخذ التهديد على محمل الجد، ولكنه يُؤكد أيضًا ضرورة التنسيق الإقليمي.
وتُحذّر المنظمات غير الحكومية من أن التدفق الهائل والمستمر للاجئين قد يُثقل كاهل البنية التحتية المحلية ويُهدد التعايش بين السكان المحليين والنازحين.
وستكون برامج المساعدة وأنظمة الحماية وآليات الرصد، بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والشركاء الإقليميين، ضروريةً لمنع تحول نزوح الماليين إلى أزمة إنسانية طويلة الأمد. ويُظهر الوضع في موريتانيا، حيث لجأ ما يقرب من 300 ألف مالي إلى جنوب شرق البلاد، كيف أن عدم الاستقرار في مالي يمتد الآن إلى العديد من الدول المجاورة، مما يُفاقم الضغوط الإنسانية والأمنية في جميع أنحاء المنطقة.