أثار إعلان المجلس العسكري في مالي عن بدء الاستعدادات لإجراء الانتخابات العامة، وهي استحقاق من المحتمل أن يضع حداً للمرحلة الانتقالية الراهنة، تساؤلات حول مدى جدية هذا الإعلان، خاصة أن المجلس لم يُحدد بعد موعد إجراء هذه الانتخابات.
وقال بيان صدر إثر اجتماع لمجلس الوزراء إن "رئيس الدولة، الجنرال آسيمي غويتا، دعا أعضاء الحكومة إلى توفير الظروف الضرورية لتنظيم انتخابات شفافة وسلمية من شأنها أن تنهي المرحلة الانتقالية".
وبدأت المرحلة الانتقالية إثر استيلاء جنود ماليين بقيادة غويتا على السلطة في العام 2021، في خطوة عارضتها تكتلات إقليمية ودولية، لكن المجلس العسكري المنبثق عن الانقلاب نجح في تولي مقاليد الحكم، ووعد بإجراء انتخابات، لكن دون أن ينجز ذلك.
ضبابية واضحة
وكان المجلس العسكري قد تعهد في وقت سابق بتأثير من ضغوط دولية بتسليم السلطة للمدنيين في مارس/ آذار الماضي بعد إجراء انتخابات رئاسية.
لكن المجلس تراجع عن هذا الوعد من دون تحديد موعد جديد، ما سرّع بتكهنات بشأن إمكانية تمديد المرحلة الانتقالية الراهنة، ومستقبل غويتا الذي قد يكون المرشح المحتمل في أي استحقاق رئاسي مقبل.
وقال المحلل السياسي المالي، قاسم كايتا، إن "هناك ضبابية واضحة في إعلان المجلس العسكري، حيث لا يوجد حديث عن دعوة الناخبين الماليين، أو موعد محدد لإجراء الاستحقاقين الرئاسي والبرلماني، وكأن المجلس العسكري يسعى لكسب الوقت فقط".
وأوضح كايتا في تصريح خاص لـ "إرم نيوز" أن: "المعضلة تكمن في غياب أي ضمانات في الإعلان الجديد بإجراء الانتخابات، لا يوجد أي هيئة أو لجنة أو وزارة ستشرف على الانتخابات المفترضة وبالتالي لا يمكن الحكم على جدية هذه الخطوة".
وأردف: "يستحيل في الوضع الراهن إجراء الانتخابات الرئاسية لعدة اعتبارات، أهمها استمرار غياب الأمن في ظل الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة والمتمردة، وهي هجمات تنذر بأن الفترة المقبلة قد تكون أسوأ من تلك التي سبقتها".
رسائل للداخل
وتأتي هذه التطورات في وقت تتصاعد فيه هجمات الجماعات المسلحة مثل "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" الموالية لتنظيم "القاعدة"، ما يشير إلى انقسام بشأن إمكانية تنظيم أي استحقاق انتخابي.
وعلّق المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، عمر طليقة، على الأمر بالقول، إن "هذا الإعلان ربما يهدف لبعث رسائل للداخل من أجل تجاوز حالة الانقسام الراهنة، التي كان سببها الرئيس تنظيم الانتخابات؛ لأن هناك شخصيات ترى أن لديها شعبية وقدرة على المزاحمة على كرسي الرئاسة".
وتابع طليقة في تصريح لـ"إرم نيوز": "قبل أيام رأينا إقالة رئيس الوزراء، شوغل كوكالا مايغا، وهي إقالة جاءت بعد انتقاده تأجيل تنظيم الانتخابات التي وعد بها المجلس العسكري، وبالتالي هناك انقسام حاد في صفوف النظام المالي الحالي".