فتحت إقالة المجلس العسكري في مالي الحكومة ورئيسها شوغل كوكالا مايغا بسبب انتقاده عدم إجراء المجلس للانتخابات العامة التي وعد بها، الباب بمصراعيه أمام التكهنات في شأن ما إذا كانت الاستحقاقات الانتخابية تهدد بحدوث انقسامات داخل النظام العسكري.
وأصدر المجلس العسكري مرسوماً وقعه رئيسه الجنرال آسيمي غويتا قال فيه إنه: "تم إنهاء مهام رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة"، وذلك في وقت تواجه فيه البلاد أزمات اقتصادية ومعيشية.
وكان مايغا ينظر إليه على أن لديه نفوذا بعد تعيينه من قبل الجيش إثر انقلاب ثانٍ نفذه في العام 2021، لكن نطاق تدخله كان ضيقاً بحسب مصادر، حيث ظلت معظم الصلاحيات بيد المجلس العسكري ورئيسه.
وجاءت إقالة مايغا بعد مرور بضعة أيام على توجيهه انتقادات علنية نادرة للمجلس العسكري، إذ أعرب في تصريحات عن أسفه لإبعاده عن اتخاذ القرارات، وشدد على الضبابية التي تخيم على الفترة الانتقالية الحالية.
وانتقد مايغا عدم تنفيذ المجلس العسكري الحاكم وعده بتنظيم انتخابات خلال فترة انتقالية مدتها 24 شهرا من أجل العودة إلى الحكم الديمقراطي.
وعلق المحلل السياسي المالي، قاسم كايتا، على هذا التطور بالقول إن "هناك بالفعل انقسامات ناتجة بالأساس عن ضغوط يكرسها سياسيون ونشطاء في المجتمع المدني في مالي من أجل إجراء انتخابات وإنهاء الفترة الانتقالية وخاصة العودة إلى جادة الحوار بعيدا عن التصعيد مع الجميع، وهو الخيار الذي اتخذه الجيش منذ انقلاب 2021".
وأضاف كايتا في تصريح خاص لـ "إرم نيوز" أن "هذه الإقالة تأتي في خضم تفاقم خسائر الجيش وعناصر مجموعة فاغنر في وسط وشمال البلاد، وهو أمر يزيد من حدة الضغوط على المجلس العسكري الذي في الواقع هو عاجز عن تحقيق مكاسب في الوقت الراهن سواء على الصعيد الدبلوماسي أو الاقتصادي أو السياسي".
ورأى أن "رغم ذلك قد يلجأ المجلس العسكري إلى تمديد المرحلة الانتقالية كما جرى في بوركينا فاسو، لأن مفاتيح السلطة بيديه والشارع من الصعب تحريكه للقيام بضغط على أرض الواقع".
وأنهى كايتا حديثه بالقول إن "ذلك ينطوي على عدة مخاطر أهمها أن البلاد بدأت تفقد مصداقيتها في الخارج بعد أن وعدت بتنظيم انتخابات وتراجعت عن ذلك الوعد، ناهيك عن أن الانقسام في تزايد الآن وهو يهدد وحدة البلاد".
أما المحلل السياسي المتخصص في شؤون الساحل الإفريقي، محمد إدريس، فاعتبر أن "إقالة مايغا متوقعة وقد جاءت بعد إطلاقه لتصريحات يمكن اعتبارها نارية ضد المجلس العسكري، مايغا قبل منذ سنوات أن يتقلد منصب رئيس وزراء لكن بهامش تحرك ضئيل لأن الجيش هو الذي يمسك بمقاليد الحكم فعلياً".
وتابع إدريس في تصريح خاص لـ "إرم نيوز" أن "الوضع صعب في مالي وهناك غموض يكتنف الانتخابات العامة، لكن في نفس الوقت لا أعتقد أن الوقت سانح للقيام بهكذا استحقاقات في ظل الفوضى الأمنية بالتالي لا أعتقد أن المطالبات بالتسريع بالانتخابات مطالبات شرعية ومعقولة بالنظر إلى ما يحدث على الأرض".