ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء

logo
العالم

الحلقة الضيقة حوله تنهار.. هل فقد نتنياهو قدرته على إدارة ملف غزة؟

نتنياهو ورون ديرمر يجتمعان مع كوشنر والمستشار الأمريكي أر...المصدر: المكتب الصحفي للحكومة الإسرائيلية

تبدو حكومة بنيامين نتنياهو في واحدة من أعقد لحظاتها السياسية، حيث تتعرض الدائرة الضيقة المحيطة به لتصدع كبير، مع سلسلة استقالات وإقالات متتابعة تهدد بإحداث فراغ كبير في مستويات الحكم العليا، وتضع نتنياهو أمام أزمة تتجاوز بكثير تبعات الحرب المستمرة.

وفي وقت يتعرض رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو لضغوط داخلية غير مسبوقة من حلفائه اليمينيين لعرقلة أي اتفاق يضع حدًا للعمليات العسكرية في غزة، تتزايد الضغوط الأمريكية، التي يُنظر إليها في تل أبيب على أنها الأكثر تدخلاً منذ عقود في صياغة القرار الإسرائيلي.

أخبار ذات علاقة

ترامب ونتنياهو

"العفو المشروط".. هل يتحول دعم ترامب لنتنياهو إلى خنق سياسي؟ (فيديو إرم)

وخلال أيام، استقال وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، أحد أقرب مستشاري نتنياهو وأكثرهم نفوذًا، في خطوة جاءت بعد إقالة مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، واستعداد مدير ديوان نتنياهو تساحي برافيرمان لمغادرة منصبه متجهًا إلى لندن سفيرًا لإسرائيل.

هذه الهزات الداخلية تأتي في وقت حرج، إذ تخوض إسرائيل مفاوضات حساسة مع واشنطن بشأن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة.

رون ديرمر، الذي أحدث هزة في الوسط السياسي الإسرائيلي باستقالته، يوصف بأنه آخر الشخصيات ذات الخبرة الاستراتيجية التي غادرت مكتب نتنياهو، وكان له بصمة في إدارة الحرب أو في صياغة مستقبل غزة وملف احتواء التوتر مع واشنطن.

وسط هذه التعقيدات، يقدم المحلل السياسي فوزي السمهوري قراءة لطبيعة النظام الذي بناه نتنياهو خلال سنوات حكمه الطويلة، قائلاً: "عندما نتحدث عن طبيعة حكم نتنياهو، فإننا نتحدث عن منظومة تعتمد بدرجة كبيرة على قدراته الشخصية وآرائه الفردية، إضافة إلى ما يُعرف بالدولة العميقة. لذلك فإن غياب بعض الشخصيات اليوم سيحدث فراغًا".

ويقول السمهوري في حديثه لـ"إرم نيوز": "أعتقد أن هذا الفراغ سيُملأ سريعًا، لأن هذه الشخصيات بنت خلال السنوات الثلاث الأخيرة شبكة من العلاقات الداخلية والإقليمية والدولية، غير أن هذه العلاقات ما كانت لتتشكل لولا توجيهات نتنياهو وسياساته، المدعومة أمريكيًا، والتي أسهمت في فتح هذه القنوات وتعزيزها".

ووفق السمهوري، فإن نتنياهو، في حال استمراره في الاعتماد على الولايات المتحدة واستجابته للرغبة الأمريكية، سيواجه مشكلات حقيقية مهما حاول إخفاءها، ومهما بلغ حجم الدعم الأمريكي له، وفي ظل هذا الفراغ، قد تجد المعارضة الإسرائيلية في الأمر فرصة مناسبة لإعادة تفعيل حضورها على أرض الواقع.

ويردف السمهوري بالقول: "هناك عوامل داخلية عديدة تدفع بهذا الاتجاه، من بينها الإصلاحات القضائية وسياسات نتنياهو التي يسعى من خلالها إلى بسط هيمنته الكاملة، ما يعني عمليًا دفع إسرائيل نحو نمط شمولي أو ديكتاتوري، ويتجلى ذلك في محاولاته السيطرة على السلطتين التشريعية والقضائية، والإطاحة بعدد من ممثلي السلطة القضائية".

ووفق السمهوري، لن نشهد تغييرًا حقيقيًا ما دام نتنياهو على رأس الحكومة، وما دام كل من سموتريتش وبن غفير، وهما رمزان للتطرف، جزءًا من هذه الحكومة، والعنوان الأساسي المطروح اليوم هو: "هل يفكر نتنياهو في الإطاحة بهؤلاء المتطرفين الذين باتوا معزولين دوليًا، أم أنه سيتجه إلى انتخابات جديدة؟"، فالذهاب إلى انتخابات جديدة، سواء كانت مبكرة أو في الربع الأخير من العام القادم، يتطلب وجوهًا جديدة تخدم أهدافه الانتخابية وتنسجم مع سياسته.

أخبار ذات علاقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

لغة الجسد تكشف ارتباك وقلق نتنياهو خلال جلسة محاكمته الأخيرة

ويرى أستاذ العلوم السياسية أمين المشاقبة أن الأزمة التي يعيشها نتنياهو هي أزمة بنيوية في منظومة الحكم، موضحا أن "تفريغ الحلقة المحيطة برئيس الوزراء الإسرائيلي يشير إلى اهتزاز معمق في توازنات السلطة داخل إسرائيل، ويكشف أن النظام القائم على مركزية القرار واحتكار القيادة وصل إلى نقطة الانفجار".

ويقول المشاقبة في حديثه لـ"إرم نيوز": "إن استقالة ديرمر، وتململ حلفاء نتنياهو وخصومه على حد سواء، يعكس إدراكًا متزايدًا بأن رئيس الحكومة لم يعد قادرًا على إدارة المشهد الداخلي والخارجي بالفاعلية التي كان يمتلكها سابقًا".

ويرى المشاقبة أن الضغط الأمريكي الهائل، مقابل تصلب التيار اليميني المتطرف داخل الائتلاف، أفقد نتنياهو هامش المناورة، ووضعه أمام تناقضات حادة بين مطالب واشنطن وبين مصالح شركائه، وأن استمرار الحرب دون أفق، وتراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي بالمؤسسة الأمنية والسياسية، يضع إسرائيل أمام مرحلة انتقالية قد تتغير فيها قواعد اللعبة، سواء عبر انتخابات مبكرة أو عبر انهيار تدريجي في بنية الائتلاف الحاكم.

لكن المحلل السياسي محمد الشياب يرى أن التفكك المتسارع في الدائرة الضيقة حول نتنياهو، من استقالات وإقالات وتبدل مراكز النفوذ، يعكس هشاشة البنية السياسية التي صاغها عن قصد وجعلها رهينة لسلطته الفردية.

ويقول الشياب في حديثه لـ"إرم نيوز": "إن نتنياهو تعامل مع الحرب في غزة بوصفها منصة للهروب إلى الأمام، ومحاولة لإطالة أمد الأزمة الداخلية عبر ربط مصيره السياسي بالمجهود الحربي، إلا أن هذا النهج ارتد عليه اليوم، فتزامن مع الضغط الأمريكي المتصاعد، مع الانكشاف الدولي لسياسات حكومته، ومع تآكل ثقة الشارع الإسرائيلي به".

ويعتبر الشياب أن غياب البدائل داخل الائتلاف، وصعود التيار اليميني المتطرف، يضع إسرائيل أمام معادلة سياسية مأزومة قد تدفع نحو انتخابات مبكرة أو انفجار داخلي أعمق.

ويرى الشياب أن موجة الاستقالات المتتالية في الدائرة الضيقة لنتنياهو وجهت ضربة مباشرة لقدرته على إدارة اللحظة السياسية الحرجة، وقد كشفت هشاشة الهيكل الذي بناه حول نفسه.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC