logo
العالم

اعتقال رؤساء بلديات في تركيا.. تضييق على المعارضة أم متورطون؟

اعتقال رؤساء بلديات في تركيا.. تضييق على المعارضة أم متورطون؟
عناصر من الشرطة التركيةالمصدر: (أ ف ب)
07 يوليو 2025، 7:18 ص

قال خبراء مختصون بالشأن التركي، إن حملة الاعتقالات التي نفذتها السلطات التركية مؤخرا بحق رؤساء بلديات من المعارضة، تأتي في إطار خطة الحزب الحاكم "العدالة والتنمية" لتشويه صورة حزب "الشعب الجمهوري" وتفكيكه والتضييق عليه، باعتباره الحزب المعارض الأكبر القادر على المنافسة الجادة، على حد تقديرهم. 

واستبعد الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن يكون من تم احتجازهم متورطين بالفعل في قضايا فساد أو كسب غير مشروع عبر استغلال مناصبهم، مستدلين على ذلك باستمرار استهداف رموز المعارضة، التي باتت تتمتع بحضور واسع في الشارع التركي، بتهم لم تثبت على كثيرين منهم، وفي مقدمتهم رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، المسجون حاليا، والذي يُعد المنافس الرئيس للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية القادمة، في حال تمكن من الترشح.

وكانت السلطات التركية قد اعتقلت مؤخرا ثلاثة رؤساء بلديات من حزب الشعب الجمهوري، وأعلن مكتب المدعي العام في إسطنبول، في بيان، أنه تقرر احتجاز رئيسي بلديتي أضنة وأديامان الكبيرتين جنوبي البلاد، بتهم تتعلق بالكسب غير المشروع، إضافة إلى 8 آخرين، بحسب ما أوردته وكالة "رويترز".

وجاء ذلك في وقت أفادت فيه وسائل إعلام تركية بأن السلطات احتجزت أيضا رئيس بلدية أنطاليا، بينما نفى حزب "الشعب الجمهوري" هذه الاتهامات بشدة، مؤكدا أن التحقيق ذو دوافع سياسية، وهو ما تنفيه الحكومة في أنقرة.

تفكيك حزب الشعب الجمهوري

ويقول الدكتور طارق حمو، الباحث في المركز الكردي للدراسات، إن الهدف من اعتقال رؤساء بلديات من المعارضة بتهم الفساد هو تفكيك حزب الشعب الجمهوري، الذي يقود المعارضة وينتمي إليه رؤساء البلديات، ضمن خطة لتشويه صورته؛ لما يشكله من تهديد حقيقي لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم في الانتخابات المقبلة، خاصة بعد سجن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، والذي تشير استطلاعات الرأي إلى قدرته على التفوق على أردوغان في حال جرت مواجهة انتخابية بينهما، وفق قراءته.

وأوضح "حمو"، في تصريحاته لـ"إرم نيوز"، أن الاعتقالات التي طالت مؤخرا 3 رؤساء بلديات من الحزب، تأتي ضمن حملة تضييق مستمرة، بدأت منذ أشهر مع احتجاز إمام أوغلو، رغم أن التهم الموجهة إليه لم تثبت حتى الآن، لعدم وجود أدلة قوية.

وأضاف أن ما يجري يعكس أهدافا وخلفيات سياسية، خاصة بعد أن حقق حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات البلدية لعام 2024 نسبة 37.8%، مقابل 35.5% لحزب "العدالة والتنمية"؛ ما أثار مخاوف لدى السلطة من إمكانية فوز المعارضة في الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2028.

وأشار إلى أنه إذا استمر الوضع على حاله، وفقا لاستطلاعات الرأي، فإن حزب الشعب الجمهوري سيحصل على الأغلبية، بينما يخسر "العدالة والتنمية" تلك الأغلبية التي كان يتمتع بها، حيث فاز في انتخابات عام 2002 بنسبة 52%، ثم تراجعت إلى 40% في عام 2015، والآن إلى 35% أمام "الشعب الجمهوري".

اعتقالات وخلق انقسامات

وبيّن حمو أن الحزب الحاكم يعمل على ضرب "الشعب الجمهوري" من زاويتين؛ الأولى تتمثل في اعتقال القيادات والشخصيات التي يُخشى من قوتها، مثل إمام أوغلو، الذي يصنف كمنافس قوي لأردوغان. 

أما الزاوية الثانية، فهي محاولات إحداث انقسامات داخل الحزب، عبر إعادة إحياء شخصيات محسوبة عليه، لكنها غير مؤثرة، مثل الزعيم السابق للحزب كمال كليتشدار أوغلو، الذي انسحب من المشهد السياسي بعد فشله، إلا أن السلطة تحاول الآن التواصل معه لإعادته إلى الواجهة، ودفعه لمنافسة أردوغان بدلاً من إمام أوغلو.

"فساد" في بلديات تركيا

من جانبه، يرى الخبير في الشأن التركي كادار بيري، أن الفساد منتشر بشكل كبير في بلديات تركيا، نظرًا للصلاحيات الواسعة والميزانيات الضخمة الممنوحة لها، لكن المتعارف عليه أن نسب الفساد أعلى لدى رؤساء البلديات المحسوبين على الحزب الحاكم "العدالة والتنمية"؛ ما يشير إلى أن ما يجري بحق المعارضة يُعد تضييقا سياسيا، لاسيما في ظل استمرار حملات الاعتقالات بحق سياسيي المعارضة منذ أشهر، وفق قوله.

وأوضح بيري، في تصريحاته لـ"إرم نيوز"، أن "أحد أبرز مظاهر الفساد في البلديات يتمثل في استغلال رؤساء البلديات المحسوبين على الحزب الحاكم لنفوذهم للضغط على شخصيات سياسية واقتصادية وازنة، لدفعها إلى الانضمام لقوائم (العدالة والتنمية) في الانتخابات، مقابل مكاسب مادية أو تسهيلات مثل التراخيص، وهو ما يكشف عن حجم كبير من الفساد"، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن ما يحدث حاليا، لا سيما مع حزب "الشعب الجمهوري"، عبر احتجاز ثلاثة رؤساء بلديات بتهم فساد، هو إجراء سياسي ممنهج لضرب المعارضة، ومنع أي منافسة حقيقية أمام الحزب الحاكم.

أخبار ذات علاقة

مسلحون من حزب العمال الكردستاني

حزب العمال الكردستاني: تركيا لم تنفذ المطلوب منها

وختم "بيري" بأن "العدالة والتنمية"، بقيادة الرئيس التركي، يدرك تماما أن "الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد قد يؤدي إلى نتائج سلبية للحزب في الانتخابات المقبلة"، مضيفا أنه "يسعى إلى تقويض أي منافس محتمل، مستفيدا من أن الشعب التركي، في العادة، يخشى التغيير ويفضل بقاء الحاكم، رغم سلبياته، لأنه لا يثق فيما قد يجلبه البديل"، وفق قوله.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC