وصف محللون سياسيون فرنسيون متخصصون في الهجرة التقارير حول دراسة الحكومة الفرنسية لإمكانية إرسال طالبي اللجوء خارج الاتحاد الأوروبي بأنها تعكس الجانب المتشدد في حكومة ميشيل بارنييه.
وفي الوقت الذي يتزايد فيه النقاش حول سياسات الهجرة في فرنسا، تدرس الحكومة إمكانية اتخاذ خطوة مثيرة للجدل تتمثل في إرسال طالبي اللجوء إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي لمعالجة طلباتهم، مستوحية من الاتفاق الأخير بين إيطاليا وألبانيا.
وقد أثارت هذه الفكرة جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية وحقوق الإنسان، واعتبرها العديد من المحللين السياسيين الفرنسيين مؤشرًا على تحول جديد نحو تشدد أكبر في سياسات الهجرة.
جاءت هذه التصريحات خلال اجتماع المجلس الأوروبي الأخير الذي ناقش قضايا الهجرة، حيث أكدت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، مود بريجون، أن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتللو يدعم دراسة هذه الفكرة. وأشارت إلى أن الاتفاق الإيطالي-الألباني قد يكون نموذجًا يُحتذى به في التعامل مع أزمة الهجرة.
الاتفاق سمح بنقل المهاجرين الذين تم اعتراضهم في المياه الإيطالية إلى ألبانيا، حيث تُعالج طلبات لجوئهم هناك.
من جانبه، يرى المحلل السياسي الفرنسي جون كلود بيرنارد أن هذه الخطوة تعكس تحولاً واضحًا نحو تبني سياسات أكثر تشددًا في ملف الهجرة، موضحاً أن الحكومة الفرنسية تتحرك بوضوح نحو اليمين فيما يتعلق بالهجرة، والتفكير في إرسال طالبي اللجوء خارج الاتحاد الأوروبي هو جزء من هذا التوجه المتشدد.
وأضاف لـ"إرم نيوز"، "أن مثل هذه السياسات قد تساعد في تقليل الضغط على النظام الفرنسي، لكنها في الوقت ذاته ستفتح الباب أمام انتقادات شديدة من قبل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي".
من جهته، يشير المحلل فيليب دوران لـ"إرم نيوز" إلى أن "فكرة إرسال طالبي اللجوء إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي تعكس التغيرات السياسية التي تشهدها أوروبا عمومًا، مع صعود اليمين المتطرف إلى السلطة في بعض الدول"، مضيفاً: "الاتفاق بين إيطاليا وألبانيا قد يكون نموذجًا، لكن تطبيقه في فرنسا سيواجه تحديات قانونية وإنسانية كبيرة".
وتواجه هذه السياسات المحتملة انتقادات شديدة من المنظمات الحقوقية التي ترى فيها انتهاكًا للقوانين الدولية المتعلقة بحقوق اللاجئين. وفقًا لمنظمة "SOS Humanity"، يمثل الاتفاق بين إيطاليا وألبانيا انتهاكًا للقانون الدولي البحري، محذرةً من أن فرنسا قد تقع في نفس المأزق إذا قررت تبني هذا النموذج.
وفي ظل تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية، يبدو أن الحكومة الفرنسية تميل نحو تشديد سياساتها المتعلقة بالهجرة، مستوحية من التجربة الإيطالية. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحًا حول مدى قدرة فرنسا على تطبيق مثل هذه السياسات في ضوء التحديات القانونية والإنسانية التي قد تواجهها.
وفي إطار اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي حول قضايا الهجرة، أعربت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، مود بريجون، عن إمكانية النظر في إرسال طالبي اللجوء إلى خارج الاتحاد الأوروبي لمعالجة طلباتهم. وأشارت إلى أن هذه الخطوة قد تكون مستوحاة من الاتفاق المبرم بين إيطاليا وألبانيا، حيث تم إرسال مهاجرين إلى ألبانيا أثناء دراسة طلبات لجوئهم. "لن نمنع أنفسنا من التفكير في هذا الأمر"، قالت بريجون في مقابلة إذاعية.
وعاد المحلل السياسي الفرنسي قائلاً: "السؤال المطروح الآن هو: هل ستقدم فرنسا على إرسال طالبي اللجوء المحتجزين في بحر المانش إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي لمعالجة طلباتهم؟ يأتي هذا النقاش في ظل مشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قمة أوروبية تركز على الهجرة".
وأشار إلى أنه بعد أقل من عام من توقيع اتفاق مثير للجدل بين روما وتيرانا، وصل أول المهاجرين الذين تم اعتراضهم في المياه الإيطالية إلى ألبانيا في 16 أكتوبر، حيث ستُعالج طلبات لجوئهم هناك.
وتابع: "عند وصولهم، تم تسجيل حوالي خمسة عشر رجلاً من مصر وبنغلاديش في أول مركز أقامه الإيطاليون في ألبانيا، وهو مبنى مسبق التجهيز يقع في الميناء ومُحاط بسياج مرتفع وتحت حراسة قوات الأمن الإيطالية، قبل أن يتم نقلهم إلى مركز احتجاز".
ويتم احتجاز المهاجرين هناك بناءً على قرار من المحافظ في روما تحت إطار الاحتجاز الإداري، حيث يعيشون في مبانٍ مسبقة الصنع تبلغ مساحتها 12 مترًا مربعًا، محاطة بأسوار عالية وكاميرات مراقبة، وتحت حراسة الشرطة، في انتظار معالجة طلبات لجوئهم.
وإذا تم رفض طلب اللجوء، فهناك زنازين مُعدة داخل المخيم في انتظار ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية. كما يُتوقع أن تصل القدرة الاستيعابية لهذه المراكز إلى 1000 مكان في المرحلة الأولى، ثم 3000 مكان في المستقبل.