logo
العالم

صورة واحدة تُسقط "الرجل القوي".. كيف أطاحت لوبان بصديق بارديلا المقرب؟

مارين لوبان وديفيد راشلين خلال تجمع انتخابي عام 2014المصدر: (أ ف ب)

في يوم ميلاده الثامن والثلاثين، تلقى نائب رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، ديفيد راشلين، ضربة قاصمة. 

صورة واحدة نُشرت على حساب راشلين الخاص على إنستغرام كانت كفيلة بإنهاء مسيرة سياسية صاعدة لرجل كان يُعتبر "المفضل لدى الرئيسة"، و"الأب الروحي" لجوردان بارديلا. 

وفي مشهد درامي بثته القنوات التلفزيونية، أعلنت مارين لوبان أنها "لم تعد ترغب" في بقائه نائبًا للرئيس، لتسدل الستار على حقبة كاملة من النفوذ والسلطة داخل اليمين المتطرف الفرنسي.

لكن، هل كانت الصورة هي السبب الحقيقي؟ أم أنها مجرد القشة التي قصمت ظهر بعير كان محملًا بفضائح الفساد والتحقيقات القضائية؟

أخبار ذات علاقة

مليكة سوريل

فرنسا.. لماذا تخلّت مليكة سوريل عن حزب التجمع الوطني؟

من القمة إلى الحضيض  

ديفيد راشلين، عمدة ثاني أكبر مدينة يديرها التجمع الوطني، وأول سيناتور يُنتخب تحت راية الحزب اليميني المتطرف في العام 2014، ونائب رئيس الحزب، والصديق المقرب لجوردان بارديلا، أصبح يوم الثلاثاء الماضي مجرد عضو عادي، حيث استقال عمدة فريجوس من منصبه كنائب للرئيس وعضو في المكتب التنفيذي للتجمع الوطني، بعد ساعات من "فصله" تلفزيونيًا على يد لوبان.

سقوط مدوٍ لهذا البيروقراطي، الذي كان قبل ثلاث سنوات فقط، من أبرز شخصيات الحزب، رغم تعاطفه المعروف مع معاداة السامية، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.

صورة فجرت الأزمة

وأُبعد راشلين عن هيئات الحزب منذ صدور كتاب عن إدارته لمدينة فريجوس، والذي أدى إلى فتح تحقيق في وقائع فساد، لكن ما اعتبرته مارين لوبان "استفزازًا"، وفقًا لمحيطها، كان نشره صورة في 9 أكتوبر/تشرين الأول على حسابه الخاص على إنستغرام.

الصورة كانت لعشاء في فريجوس برفقة فريديريك شاتيون ولوجون دجيان، القياديين السابقين في "مجموعة دفاع الاتحاد" المعروفين بحنينهما إلى الأنظمة الفاشية والنازية، واللذين لم يعودا رسميًا في دائرة التجمع الوطني، رغم أن نشر هذه الصورة من قبل موقع "ميديابارت" قبل شهرين تقريبًا لم يثر أي رد فعل من الحزب.

التردد ثم الحسم المفاجئ

ويوم الاثنين الماضي، خلال مؤتمر صحفي تم إعداد الرد عليه مسبقًا، أجاب مدير حملة الانتخابات البلدية، جوليان سانشيز، بأن راشلين سيبقى نائبًا للرئيس حتى المؤتمر المقبل المقرر في سبتمبر/أيلول عام 2026، لكن الأمور تغيرت صباح الثلاثاء عندما أعلنت مارين لوبان على محطتي "RMC" و"BFM-TV"، أن الأمر في طريقه للحل.

وقالت لوبان: "على أي حال، أنا لم أعد أرغب في أن يكون نائبًا للرئيس".

ويعترف عدة مسؤولين كبار في التجمع الوطني بأن القرار، الذي اتخذته مارين لوبان وجوردان بارديلا معًا، كان محسومًا منذ عدة أسابيع.

من "المفضل" إلى المنبوذ

وقبل تهميشه من التجمع الوطني، كان ديفيد راشلين أحد واجهات الحزب؛ شخصية من الجيل الجديد لحزب اليمين المتطرف، وإن كان متعلقًا جدًا بشخصية الأب جان ماري لوبان.

وبفضل نجاحاته الانتخابية، شارك في كل مرحلة من صعود مارين لوبان، من استيلائها على السلطة في "الجبهة الوطنية"، اسم الحزب سابقًا، إلى فشلها في الانتخابات الرئاسية، حيث كان مسؤولًا عن إدارة حملتها عام 2017.

ولم يؤثر اختراق جوردان بارديلا لجهاز الحزب على نفوذ راشلين، بل على العكس، فقد قُدم في آن واحد على أنه "المفضل لدى الرئيسة" والرجل "الذي أخذ جوردان تحت جناحه" منذ خريف عام 2021، كما أنه استفاد من قربه الودي من بارديلا، للحفاظ على رصيده.

ملف الفساد والتحقيقات القضائية

أُضعف راشلين بتحقيق عن خبايا إدارته لفريجوس، نُشر في يناير/كانون الثاني عام 2023 في مجلة لإكسبريس، ثم تلاه كتاب احتوى على وقائع خطيرة ومدعومة، فتحت على إثرها نيابة دراغينيان في يناير/كانون الثاني عام 2024 تحقيقًا أوليًا بتهم المحاباة، والفساد النشط والسلبي.

وفي انتظار متابعة هذا الملف - حيث تمت بالفعل عمليات تفتيش أولية - ستصدر المحكمة حكمًا في 27 يناير/كانون الثاني عام 2026 في قضية أخرى تستهدف عمدة فريجوس: يُشتبه في أن راشلين قد حصل على منافع غير قانونية في المجلس البلدي لمشاركته في التصويت على شركتي اقتصاد مختلط تولى رئاستهما لاحقًا.

أخبار ذات علاقة

 مارين لوبان وفي الخلفية جوردان بارديلا

مارين لوبان تُسرّع خطة الخلافة.. بارديلّا في قلب السباق الرئاسي 2027

بارديلا الصامت وحلفاء يتساقطون

ووفق مصادر داخلية، لم يعترض جوردان بارديلا على معاقبة صديقه، ولم يتفاعل رئيس التجمع الوطني في الساعات التي تلت الاستقالة، رغم أن قائمة "الحماة" لبارديلا الذين اختفوا من المشهد اللوبيني أو تم تخفيض رتبتهم داخل الحزب تطول: صديقه في اتحاد باريس أوريليان ليغران، مدربه الإعلامي باسكال هومو، المستشار فيليب فاردون، المسؤول المنتخب جان لين لاكابيل، والآن ديفيد راشلين.

وسقوط راشلين ليس مجرد نهاية مسيرة سياسية صاعدة، بل هو أيضًا إشارة إلى التحولات العميقة داخل التجمع الوطني.

ويبدو الحزب الذي يستعد لخوض انتخابات رئاسية حاسمة في العام 2027 ، أنه يخوض عملية تطهير لصفوفه، متخلصًا من الشخصيات المثيرة للجدل والمحملة بالفضائح. 

لكن هل هذا التطهير انتقائي أم شامل؟ ولماذا تم التسامح مع راشلين لسنوات رغم فضائحه، قبل أن تُسقطه صورة واحدة؟

ربما تكمن الإجابة في أن الحزب لم يعد يحتاجه، وأن بارديلا، في طريقه نحو قصر الإليزيه، يفضل السير وحيدًا بدلًا من حمل أثقال الماضي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC