الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض طائرتين مسيّرتيْن تم إطلاقهما من اليمن

logo
العالم

برميل البارود بنخجوان.. ممر ترامب ينذر ببعثرة خريطة النفوذ في القوقاز

برميل البارود بنخجوان.. ممر ترامب ينذر ببعثرة خريطة النفوذ في القوقاز
ترامب وعلييف وباشينيان بعد توقيع الاتفاقالمصدر: أ ف ب
11 أغسطس 2025، 10:53 ص

تشهد منطقة «القوقاز» تحولات عميقة بعد توقيع اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تضمن إنشاء «منطقة عبور» تمر عبر أرمينيا لربط أذربيجان بـ«جيب نخجوان» غربًا.

ووفقًا للمراقبين، المشروع الأمريكي يُسوق على أنه مشروع للتنمية والسلام، لكنه في الواقع يفتح ممرًا إستراتيجيًّا يربط تركيا بآسيا الوسطى ويعيد تشكيل موازين القوى في منطقة تعتبرها موسكو وطهران مجالًا حيويًّا لأمنهما القومي.

أخبار ذات علاقة

أعضاء من الحرس الثوري الإيراني

محذراً من "مقامرة خطيرة".. الحرس الثوري الإيراني يهاجم أذربيجان وأرمينيا

الممر الجديد، المعروف بـ«ممر ترامب» أو «ممر زنغزور»، يثير مخاوف إيران التي ترى فيه بوابة لتمدد الناتو نحو حدودها الشمالية، واحتمالًا للمس باتصالها الجغرافي مع أرمينيا، ومنها إلى أوروبا.

وبالنسبة لروسيا، فإن المشروع يشكل اختراقًا غربيًّا مباشرًا في الخاصرة الجنوبية لفضائها الإستراتيجي، ويقوّض أحد أهم خطوط نفوذها التقليدي في جنوب القوقاز.

وأكدت طهران، على لسان علي أكبر ولايتي، أحد أبرز مستشاري المرشد الأعلى، أنها لن تقبل بتنفيذ هذا المشروع «مهما كانت الضغوط»، مشددًا على أن المنطقة «لن تتحول إلى ممر يملكه ترامب، بل ستكون مقبرة لمرتزقته».

وأوضح أن الموقف الإيراني يحظى بتوافق إستراتيجي مع موسكو، وأن البلدين مستعدان للتحرك – سواء بشكل مشترك أو منفرد – للحفاظ على استقرار القوقاز، معتبرًا أن المناورات العسكرية الإيرانية الروسية الأخيرة في بحر قزوين كانت رسالة واضحة لردع أي تمدد غربي أو أطلسي في محيطهما المباشر.

ورغم الترحيب الرسمي الإيراني بالاتفاق بوصفه خطوة لإنهاء النزاع، فإن طهران شددت على ضرورة تجنب أي تدخل أجنبي في محيطها الحدودي، وتخشى القيادة الإيرانية أن يصبح الممر أداة لزيادة التعاون العسكري بين باكو وإسرائيل؛ ما قد يحوّله إلى منصة تهدد أمنها الداخلي، خاصة مع وجود أقلية أذرية كبيرة داخل إيران. 

وفي المقابل، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: إن اجتماع مسؤولي الجمهوريتين الواقعتين في جنوب القوقاز، بوساطة الجانب الأمريكي، يستحق تقييمًا إيجابيًّا، ونأمل في أن تدفع هذه الخطوة قدمًا بأجندة السلام.

وشددت موسكو على ضرورة إقامة حوار مباشر دون مساعدة خارجية، محذرةً من أن مشاركة جهات فاعلة من خارج المنطقة يجب أن تُسهم في تعزيز أجندة السلام، لا أن تُسبب صعوبات إضافية.

ورغم أن روسيا تبقى حليفًا وثيقًا لأرمينيا وأذربيجان، فقد تراجعت علاقاتها مع هاتين الدولتين بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين، لدرجة أن يريفان وباكو اتجهتا إلى الغرب بشكل متزايد.

ويرى الخبراء أن ما يُسمى بـ «معاهدة السلام» بين أذربيجان وأرمينيا التي رعتها أمريكا، تشكل أداة إستراتيجية لإعادة رسم موازين القوى في القوقاز لصالح الغرب.

وأكد الخبراء أن أذربيجان، بفتح «ممر زنغزور» عبر الأراضي الأرمنية، منحت واشنطن وأنقرة منفذًا حيويًّا يربطها بآسيا الوسطى، ويضع موسكو وطهران أمام تحديات مباشرة على حدود نفوذهما التقليدي.

وأضاف الخبراء أن التحرك الأمريكي في القوقاز يفتح الباب لتعزيز وجود الناتو وإقامة شبكة تحالفات تضم أذربيجان وتركيا وإسرائيل، وهو ما تعتبره إيران تهديدًا لأمنها القومي، خاصة مع وجود أقلية أذرية ضخمة داخل أراضيها.

وأوضحوا أن الممر الجديد يتقاطع مع مشروع «الممر الشمالي-الجنوبي» الروسي-الإيراني؛ ما يزيد احتمالات التصعيد، ويرفع خطر تكرار سيناريو أوكرانيا في المنطقة بهدف استنزاف روسيا سياسيًّا وعسكريًّا.

الدكتور سمير أيوب، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، قال إن «معاهدة السلام» بين أذربيجان وأرمينيا، التي جرى التوصل إليها بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيكون لها تأثير بالغ على موازين القوى في القوقاز الروسي.

زيارة بوتين إلى القوقاز

وأوضح أيوب لـ«إرم نيوز» أن أذربيجان لحقت على ما يبدو، بأرمينيا في الميل نحو التحالف مع تركيا و«أمريكا»، معتقدة أن ميزان القوة بات يميل لصالح الغرب على حساب روسيا وإيران.

وأضاف الخبير في الشؤ

ون الروسية، أن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف يخطئ إذا ظن أن الابتعاد عن موسكو سيعزز موقف بلاده، مشيرًا إلى أن أذربيجان أصبحت ممرًا إستراتيجيًّا للغرب عبر تركيا، خصوصًا بعد الاتفاق على فتح «ممر زنغزور» الذي يربطها بمقاطعة نخجوان داخل الأراضي الأرمنية.

وأكد المحلل السياسي أن سيطرة باكو على إقليم «غرباف» في أرمينيا لم تكن نتيجة قوة جيشها، بل بسبب امتناع موسكو عن التدخل لمساندة يريفان.

ورأى أن الصراع الأذربيجاني-الأرميني لن يتوقف رغم توقيع الاتفاق، إذ ما زالت روسيا لاعبًا رئيسًا في القوقاز، وإيران لم تُهزم بعد.

واعتبر أن الاتفاق، رغم ضمانته الأمريكية، قد يجمّد النزاع مؤقتًا، لكن الاحتجاجات الواسعة في أرمينيا ضد رئيس الوزراء باشينيان، واتهامه بـ «الاستسلام» لباكو، إضافة إلى الانتقادات الداخلية لعلييف بسبب الفساد والاستئثار بالسلطة، كلها عوامل تهدد استمراره.

وأشار أيوب إلى أن العلاقات الجيدة السابقة بين روسيا وأذربيجان كانت عاملًا في ضبط المعارضة الداخلية بباكو، لكن إذا قررت موسكو الرد على سياسات علييف الموالية للغرب، فإن لديها أوراقَ ضغطٍ قد تهدد بقاءَه في الحكم.

أخبار ذات علاقة

ترامب وعلييف وباشينيان

مستشار خامنئي: نرفض "ممر القوقاز" الذي يدعمه ترامب

ولفت إلى أن التحالف الأمريكي-الأذربيجاني-الأرميني هش ولا يحظى بقبول شعبي واسع، بينما يملك التحالف الروسي-الإيراني أوراق مواجهة قوية، خاصة أن طهران ترى وجود واشنطن عبر ما يُعرف بـ «ممر ترامب للسلام» تهديدًا لأمنها القومي، في ظل وجود نحو 30 مليون أذربيجاني في إيران مقابل سبعة ملايين فقط في أذربيجان.

من جانبه، قال آصف ملحم، مدير مركز «جي إس إم» للأبحاث والدراسات في روسيا، إن جنوب القوقاز يمثل منطقة ذات أهمية جيوسياسية بالغة، إذ يضم دولًا، مثل: أذربيجان وأرمينيا وجورجيا، ويتقاطع فيه نفوذ قوى كبرى.

وأشار في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن الصين تسعى لتوسيع حضورها التجاري عبر مبادرة «الحزام والطريق»، فيما تعمل روسيا على تعزيز نفوذها جنوبًا نحو المياه الدافئة، وتنظر إيران بقلق إلى حدودها الشمالية ذات الأغلبية الأذرية، في ظل ما وصفه بـ «الأطماع التاريخية» لأذربيجان.

وأضاف ملحم أن قوى أخرى، مثل: إسرائيل وتركيا، تنافس على النفوذ في المنطقة، فتركيا ترى فيها بوابتها إلى آسيا الوسطى وتركز على ممر «زنغزور» الممتد 40 كيلومترًا بمحاذاة الحدود الأرمينية-الإيرانية، وترتبط إسرائيل بمصالح إستراتيجية في أذربيجان، تشمل قواعد عسكرية، إذ دعا عضو الكنيست المتطرف موشيه غفني في مارس الماضي إلى إقامة تحالف ثلاثي يضم إسرائيل و«أمريكا» وأذربيجان، مع إطلاق اسم «ممر ترامب للسلام والتنمية» على المشروع.

وأشار ملحم إلى أن وجود «أمريكا» هناك قد يتيح لها توجيه ضربة إستراتيجية للصين وروسيا وإيران عبر حلفائها الإقليميين: أذربيجان وتركيا وإسرائيل.

واعتبر أن تزايد النفوذ الأمريكي يعزز حضور الناتو، وهو ما تعارضه طهران بشدة، حيث أعلن مستشار المرشد الإيراني رفض بلاده لوجود الحلف في المنطقة.

وأوضح أن ممر «زنغزور» يتقاطع مع مشروع «الممر الشمالي-الجنوبي» بين روسيا وإيران، وأن فرضه بالقوة قد يشعل حربًا عالمية ثالثة، نظرًا للتعقيدات الإثنية والدينية في القوقاز، حيث تضم داغستان وحدها أكثر من 50 مجموعة إثنية رغم أن عدد سكانها لا يتجاوز 3 ملايين.

وبين ملحم، أن اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا في الـ8 من أغسطس يحمل رمزية خاصة، إذ يوافق ذكرى اندلاع حرب روسيا وجورجيا عام 2008، وكأنه رسالة بإمكانية تدخل أمريكي جديد في المنطقة، معتبرًا الخطوة الأمريكية محاولة لتكرار سيناريو أوكرانيا في القوقاز لاستنزاف روسيا اقتصاديًّا وعسكريًّا.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC