لا يزال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يُمارس ضغوطًا على روسيا وأوكرانيا لوضع حد للنزاع بينهما، ورغم مرور 3 أسابيع على تسلمه السلطة في البيت الأبيض، إلا أنه لم يتمكن من تنفيذ وعده الانتخابي بإنهاء الصراع خلال 24 ساعة من تنصيبه.
وفي خضم المُحاولات الأمريكية، خرج الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يُدلي بتصريحات مُفاجئة غير متوقعة، عكست ما أعلنه ترامب باقتراب موعد حل النزاع بين كييف وموسكو.
وقال زيلينسكي، ردًّا على سؤال حول إمكانية تسوية النزاع عام 2025، إنه لا يستبعد انتهاء النزاع مع روسيا هذا العام، وأن كل الاحتمالات متاحة اليوم.
وعلى وقع هذه التصريحات، أعلن حاكم جمهورية دونيتسك الشعبية، دينيس بوشيلين، أن الجيش الروسي يقطع تدريجيًّا جميع خطوط الإمداد اللوجستية لأوكرانيا على العديد من الطرق المؤدية إلى الشرق الأوكراني.
واعتبر المراقبون للحرب الروسية الأوكرانية تصريحات زيلينسكي بأنها اعتراف ضمني بعدم نيته إنهاء الصراع هذا العام، رغم خسائره العسكرية التي تتزايد يومًا بعد الآخر.
وتساءل المراقبون عن مصير أوكرانيا حال استمرار الحرب ودخولها عامها الرابع، وما إذا ستتلقى دعمًا أوروبيًا، أم لا؟
كما تساءلوا عن السيناريوهات السياسية داخل كييف، وما إذا سيلجأ زيلينسكي إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في هذه الفترة، أم أنها فترة استنزاف جديدة؟
ووفق خبراء في الشؤون الروسية، فإن الرئيس الأوكراني فقد شرعيته وخسر مهمته التي أوكلها له الحلفاء الغربيين بإلحاق الهزيمة بالدب الروسي، لافتين إلى أن تصريحات الرئيس الأوكراني الأخيرة حول إنهاء الصراع تؤكد استمرار المراوغة لعدم وقف الحرب.
وقال الخبراء إن الوضع الجيوسياسي الأوروبي شهد تغيرات ملحوظة فيما يتعلق بملف الصراع الأوكراني الروسي، بعد تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأن تصريحات زيلينسكي تعكس أن أوكرانيا مقبلة على مرحلة جديدة من الاستنزاف العسكري والاقتصادي إذا لم يتم وقف إطلاق النار وبدء عملية تسوية للأزمة.
وبهذا الصدد، قال رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار، الدكتور عماد أبو الرب، إن زيلينسكي يحاول الاستفادة من كل القضايا المرتبطة بإيقاف الحرب، سواء إيقاف دائم، وهذا ما تأمله أوكرانيا، أو الوصول إلى تسوية يمكن تسميتها بتجميد الحرب.
وأضاف أبو الرب، لـ"إرم نيوز"، أن ما هو مطروح الآن من الجانبين الأوكراني والغربي هو استعادة الدونباس وشبه جزيرة القرم، مؤكدًا استحالة موافقة الجانب الروسي بشأن استعادة شبه جزيرة القرم بعد أن تم ضمها بموجب الدستور الروسي.
وأشار إلى أن تصريحات زيلينسكي تعكس أن أوكرانيا مقبلة على مرحلة جديدة من الاستنزاف العسكري والاقتصادي إذا لم يتم وقف إطلاق النار وبدء عملية تسوية للأزمة.
وأوضح أبو الرب أن هناك مخاوف من أن يتحول الشعب الأوكراني إلى نازحين في الداخل الأوكراني أو لاجئين في الخارج، بالإضافة إلى استنزاف البنية التحتية من الطاقة وغيرها، وبالتالي من مصلحة أوكرانيا القبول بالأمر الواقع ووقف الحرب على جبهات القتال، بحيث تبقى سيطرة القوات الروسية على الدونباس وشبه جزيرة القرم مقابل تجميد الصراع على حدود القتال، مع وجود منطقة عازلة بين الجانبين الروسي والأوكراني، وإيجاد ضمانات أمنية للهدنة.
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية، الدكتور عمار قناة، إن هناك الكثير من المتغيرات التي تطرأ بشكل سريع داخل أوكرانيا، إذ تشهد انقسامات داخلية وتباعد واضح للمنظومة الغربية، خاصةً بعد تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، التي وصفت الولايات المتحدة بالحليف القديم لكييف وأوروبا.
وأكد قناة، لـ"إرم نيوز"، أن الرئيس الأوكراني مجرد أداة قد انتهت مدة صلاحيتها بالنسبة للطرفين الأمريكي والغربي، وهي أداة للتخلص جزئيًّا من الأزمة، وتحميله هو ونخبته الأخطاء التي تعرضت لها المنظومة الغربية.
وأشار إلى أنه بناء على المعطيات العسكرية على جبهات القتال بين روسيا وأوكرانيا، والتي تمتد إلى أكثر من 1000 كيلو متر، فإن زيلينسكي لا يستطيع فعليًّا إجراء انتخابات رئاسية؛ لأنه بتلك الخطوة سوف ينهي فعليًّا حياته السياسية، لا سيما أن النخبة السياسية في أوكرانيا موالية للولايات المتحدة، والجزء الأكبر من تلك النخبة يسمى بالنازية الجديدة.
وتابع: "حتى لو تم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في أوكرانيا، فإن نظام زيلينسكي فقد شرعيته وثقة الشعب الأوكراني به".
وأكد قناة أن الوضع العسكري مسألة محسومة لصالح روسيا، وأن روسيا ليست في عجلة من أمرها لإنهائه.