رأى خبراء في الشأن الدفاعي الأوروبي أن سويسرا تستعد لمرحلة جديدة من تحديث منظومتها العسكرية عبر الاستثمار في نظام متطور لمواجهة الطائرات المسيرة الصغيرة.
وتعكس هذه الخطوة تصاعد القلق الأوروبي من توسع استخدام "المسيرات" في التجسس والتهديدات الأمنية.
والمشروع، الذي تبلغ ميزانيته أكثر من 108 ملايين فرنك سويسري، يمثل أول محاولة من نوعها لبناء درع دفاعي وطني ضد الطائرات المصغرة.
وقالت الباحثة الفرنسية في جامعة السوربون كورين بالييكس إن خطوة سويسرا تمثل "تحولاً نوعياً في مفهوم الدفاع الحديث".
وأوضحت بالييكس لـ"إرم نيوز" أن "الطائرات الصغيرة بدون طيار أصبحت سلاح الفقراء والأغنياء معاً، فهي تُستخدم في التجسس والهجمات المحدودة وحتى في تعطيل شبكات الاتصالات".
وتابعت المتخصصة في السياسة الأمنية والدفاعية للاتحاد الأوروبي أن "تطوير أنظمة مضادة لها بات ضرورة أمنية قصوى، خاصة في دول محايدة مثل سويسرا التي تعتمد على الردع التقني أكثر من التحالفات العسكرية".
بدوره، قال الباحث السويسري في معهد جنيف للبحوث السلام جيل ايمانويل جاكيه إن المبادرة السويسرية تكشف عن وعي متزايد داخل أوروبا بخطورة الفجوة التقنية في الدفاع ضد الطائرات المسيّرة".
وأشار جاكيه لـ"ارم نيوز" إلى أن "أوروبا تأخرت لسنوات في تطوير أنظمة إلكترونية قادرة على التصدي لهذه التهديدات الصغيرة الحجم لكنها عالية التأثير".
وأكد أن المشروع السويسري "قد يشكل نموذجاً يُحتذى به لدول أوروبية أخرى مثل النمسا وبلجيكا، خاصة مع تصاعد الحوادث المتعلقة بالمسيرات المجهولة في الأجواء الأوروبية خلال العامين الأخيرين".
واعتبر أن "الاستثمار في التكنولوجيا الدفاعية الدقيقة أصبح الآن جزءاً من حماية السيادة الوطنية".
وأعلنت الحكومة السويسرية عن خطتها لاعتماد نظام دفاعي جديد لرصد واعتراض الطائرات الدرونز الصغيرة بهدف حماية منشآتها العسكرية الحيوية.
وقالت وزارة الدفاع في بيان رسمي إن هذا النظام، الذي يُوصف بأنه "شبه متحرك"، سيُستخدم أيضاً لدعم مهام السلطات المدنية، وعمليات حفظ السلام الدولية.
وأضاف البيان أن تجارب ميدانية أُجريت، العام 2025، أظهرت نتائج إيجابية للغاية، ما دفع الجيش إلى تكليف المكتب الفدرالي للتسليح "Armasuisse" بعملية الشراء.
وأكدت الوزارة أن الاختبارات أثبتت كفاءة النظام في الكشف المبكر عن الطائرات الصغيرة، والتصدي لها قبل وصولها إلى الأهداف الحساسة.
وما زال الجيش السويسري يدرس، حالياً، العروض التقنية المتاحة لتحديد الطراز النهائي الذي سيتم اقتناؤه، بينما وُقعت عقود إطارية تشمل شراء طائرات مسيرة صغيرة ملحقة وملحقات تقنية وخدمات صيانة متقدمة.
وتم تخصيص ميزانية إجمالية قدرها 108 ملايين فرنك سويسري (نحو 118 مليون دولار أمريكي) لتمويل المشروع بالكامل.
ووفقاً لتقارير بثّتها قناة "أر تي إس" السويسرية، فإن عملية الشراء "ستتم في وقت قريب جداً" وقد حصلت بالفعل على موافقة البرلمان الفدرالي.
وأشار وزير الدفاع مارتن فيستر خلال زيارته الأخيرة إلى برلين إلى أن الجيش لاحظ خلال العام الجاري زيادة في عدد الطائرات المسيرة مجهولة المصدر التي تحلق فوق مناطق عسكرية أو بالقرب من مواقع انتشار القوات.
وأكد أن السلطات تعمل على تحديد هوية تلك الطائرات التي يُحتمل أن يكون بعضها طائرات ترفيهية، في حين لا يُستبعد أن تكون أخرى لأغراض استطلاعية.
وشهدت الأسابيع الأخيرة حوادث متكررة في أوروبا، حيث تم رصد طائرات مسيرة اخترقت المجال الجوي فوق الدنمارك وألمانيا، مما اضطر بعض الدول إلى فرض قيود مؤقتة على تحليق الطائرات المدنية المسيرة.