مدير منظمة الصحة العالمية يدعو إسرائيل إلى وقف "كارثة" المجاعة في غزة
حقق مارك كارني، الخبير الاقتصادي والمصرفي البارز، انتصارا ساحقا في سباق زعامة الحزب الليبرالي، ليصبح بذلك خليفة جاستن ترودو في منصب رئيس وزراء كندا.
هذا الانتقال يضع كندا أمام مرحلة جديدة من التحديات، في ظل أزمات اقتصادية وتوترات دبلوماسية متزايدة مع الولايات المتحدة.
وشهد يوم 9 مارس /آذار حدثًا سياسيًا بارزًا في كندا، حيث انتُخب مارك كارني زعيمًا للحزب الليبرالي بعد حصوله على 85.9% من الأصوات، متغلبًا بفارق كبير على منافسته كريستيا فريلاند، وزيرة المالية السابقة، التي لم تحصد سوى 8% من الأصوات.
وجاء هذا الاستحقاق بعد استقالة جاستن ترودو في يناير/كانون الثاني، إثر أزمة سياسية حادة هزّت الحكومة الكندية.
وفي خطابه الأول بعد الفوز، أرسل كارني رسائل قوية تؤكد توجهه الإصلاحي، قائلاً: "نحن بحاجة إلى تغييرات جذرية. نواجه أخطر أزمة في جيلنا".
كما وجّه انتقادات مباشرة للولايات المتحدة، التي وصفها بأنها "بلد لم يعد بالإمكان الوثوق به"، في إشارة إلى التوترات المتزايدة بين البلدين، خاصة في ظل الحرب التجارية القائمة.
ووفقاً لفيليب جرانجان، الباحث السياسي في مركز العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS) في فرنسا، فإن مارك كارني يواجه مجموعة معقدة من التحديات.
وقال جرانجان لـ"إرم نيوز"، إن "المواجهة الاقتصادية مع واشنطن هي التحدي الأكثر إلحاحًا، حيث تشهد العلاقات الكندية-الأمريكية توترًا غير مسبوق بسبب السياسات الحمائية التي ينتهجها البيت الأبيض".
وأضاف أن "كارني، بخلفيته الاقتصادية، سيكون مطالبًا بإيجاد حلول فعالة لتخفيف آثار الحرب التجارية، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والتكنولوجيا والصناعات الثقيلة".
ورأى جرانجان، أن "كندا تواجه أزمة اقتصادية متصاعدة، تتمثل في ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو. ورغم خبرة كارني في إدارة السياسات النقدية، إلا أن إدارة اقتصاد بلد بأكمله تختلف عن إدارة البنوك المركزية. سيكون عليه تحقيق توازن دقيق بين تحفيز الاقتصاد وكبح التضخم، مع الحفاظ على ثقة الأسواق والمستثمرين".
ولفت الباحث، إلى أن "فوز كارني الكاسح في سباق زعامة الحزب لا يعني بالضرورة إجماعًا داخليًا إذ أن هناك تيارات داخل الحزب الليبرالي تتبنى رؤى مختلفة، خصوصًا فيما يتعلق بسياسات الهجرة والبيئة".
واعتبر أن "كارني، كشخصية جديدة في المشهد السياسي، سيحتاج إلى مهارات قيادية عالية لتوحيد الحزب خلفه وضمان استقرار حكومته".
وحذّر جرانجان، من أن صعود الأحزاب اليمينية الشعبوية، مثل "حزب المحافظين" الذي يتبنى مواقف أكثر تشددًا تجاه الهجرة والسياسات الاجتماعية، قد يُعقد مهمة كارني.
وتابع: "ستكون الانتخابات المقبلة اختبارًا حقيقيًا لشعبيته، خاصة في ظل تصاعد الخطاب المناهض للعولمة والمؤسسات التقليدية".
ورأى جرانجان، أن "مارك كارني يتمتع بكفاءة اقتصادية هائلة، لكن النجاح السياسي يتطلب أكثر من الخبرة الفنية. سيكون عليه التعامل بحذر مع القضايا الداخلية والخارجية، وبناء تحالفات قوية للحفاظ على استقرار حكومته في مواجهة التحديات الكبرى".
وُلد مارك كارني في 16 مارس/آذار 1965 في فورت سميث، بالأقاليم الشمالية الغربية في كندا، ونشأ في مدينة إدمونتون، ألبرتا.
وبعد حصوله على شهادة في الاقتصاد من جامعة هارفارد، واصل دراسته في جامعة أكسفورد، حيث نال درجتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد.
وبدأ مسيرته المهنية في بنك جولدمان ساكس، حيث عمل في مكاتب لندن وطوكيو ونيويورك وتورونتو.
ثم تقلّد مناصب قيادية في السياسات المالية، حيث شغل منصب محافظ بنك كندا (2008-2013)، ثم أصبح أول أجنبي يشغل منصب محافظ بنك إنجلترا حتي 2020.
كما تولى منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة للعمل المناخي والتمويل (2020-2024).
يحمل كارني الجنسيات الكندية والبريطانية والأيرلندية، لكنه يخطط للاحتفاظ بالجنسية الكندية فقط.
وهو متزوج من ديانا كارني، ذات الأصول البريطانية، ولديهما 4 بنات.
بفضل خلفيته الاقتصادية القوية وخبرته الدولية في القضايا المالية والمناخية، يدخل كارني المشهد السياسي الكندي بآفاق جديدة.
ومع تصاعد التوترات التجارية مع واشنطن والتحديات الاقتصادية الداخلية، سيكون عليه إثبات قدرته على ترجمة نجاحه في إدارة البنوك إلى نجاح في إدارة دولة بأكملها.