كشفت حرب الـ 12 يوماً في يونيو/ حزيران الماضي، بين إسرائيل وإيران، عن نقاط ضعف خطيرة في بنية الدفاع الصاروخي للجيش الأمريكي، مؤكدة أن الولايات المتحدة غير مستعدة لصراع طويل الأمد ضد "عدو" متقدم.
ووفق تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست"، فإن الولايات المتحدة استهلكت خلال ذلك الصراع القصير 25% من مخزونها من صواريخ "ثاد" الاعتراضية المضادة للصواريخ الباليستية، وجزءاً كبيراً من صواريخ "ستاندرد ميسايل-3"؛ ما يثير الشكوك حول قدرة واشنطن على دخول "حرب أكبر"، مثل تلك المحتملة بين الصين وتايوان.
ويفوق استخدام أمريكا لـ 150 صاروخاً اعتراضياً من طراز "ثاد" لصد الصواريخ الباليستية الإيرانية المتطورة، بتكلفة 15.5 مليون دولار للصاروخ الواحد، ثلاثة أضعاف متوسط المشتريات السنوية للصواريخ، البالغ حوالي 40 صاروخاً منذ 2010.
كما أطلقت السفن الأمريكية أكثر من 80 صاروخاً من طراز SM-3 Block IIA، وهي النسخة الوحيدة قيد الإنتاج، والتي لم تتسلم منها وزارة الدفاع أي دفعة بعد بموجب عقد 2019.
محدودية الإنتاج
يرى تقرير "ناشيونال إنترست" أن الاستهلاك السريع للذخائر الدفاعية في مواجهة إيران، التي خسرت نصف منصات إطلاقها بفعل الغارات الإسرائيلية، يُبرز هشاشة المخزونات الأمريكية، مع توقعات بأن تتفاقم المشكلة بسبب محدودية الإنتاج.
وحتى مع زيادة طلبات البنتاغون لصواريخ "ثاد"، التي تمول ميزانية 2025 شراء 12 صاروخاً فقط، يستغرق تسليم الصواريخ ثلاث سنوات من تاريخ العقد؛ ما يضع الجيش في مسار غير مستدام، خاصة إذا واجه عدواً مثل الصين، التي تمتلك ترسانة صاروخية أكبر وأكثر تطوراً.
ووفق التقديرات العسكرية، فإنه إذا استطاعت إيران استنفاد ربع مخزون "ثاد" في 12 يوماً، يعني ذلك أن الصين قد تستنفده في ساعات؛ ما يعرض الأساطيل البحرية والمنشآت العسكرية للخطر.
وتتجاوز المشكلة نقص الذخائر الدفاعية إلى محدودية وسائل إيصالها، فقد استخدم سلاح الجو الأمريكي نصف أسطوله من طائرات "بي-2" الشبحية في عملية "مطرقة منتصف الليل" ضد منشأة فوردو النووية الإيرانية؛ ما يبرز تقلص أساطيل الطائرات المقاتلة والسفن الحربية.
وفي مثل هذه الصراعات، تصبح حماية المنصات الهجومية باهظة الثمن، مثل السفن التي تكلف مليارات الدولارات، أولوية قصوى، حتى لو تطلب ذلك إطلاق صواريخ اعتراضية بملايين الدولارات ضد طائرات مسيرة رخيصة.
نهج هجين
لحل هذه الأزمة، يدعو الخبراء إلى الاستفادة من الابتكار التجاري الأمريكي، إذ يتمتع النظام الاقتصادي بمزايا فريدة، مثل سهولة الوصول إلى رأس المال وثقافة ريادة الأعمال، التي يمكن أن تُستغل لتطوير أنظمة دفاع صاروخي أقل تكلفة وأكثر وفرة.
ووفق "ناشيونال إنترست"، فإن اقتراح الخبراء يتمحور حول نهج هجين يجمع بين تطوير أنظمة متطورة من الجيل التالي وإنتاج أنظمة أرخص بكميات كبيرة بالتعاون مع شركات ناشئة؛ ما يعزز المخزونات ويوسع القاعدة الصناعية الدفاعية.
وتظهر بوادر هذا التحول في قطاع المدفعية، حيث ضخ الكونغرس استثمارات كبيرة لتعزيز إنتاج الذخائر، فقد نجح الجيش في مضاعفة إنتاج قذائف 155 ملم أربع مرات هذا الصيف، من خلال توسيع المنشآت وتوزيع الإنتاج على أربع مواقع بدلاً من واحدة.
لكن، وفق "ناشيونال إنترست"، فإن عقوداً من التدهور في القاعدة الصناعية الدفاعية، تتطلب مزيداً من الوقت والاستثمار، بينما في ظل تصاعد التوترات العالمية، يصبح الوقت عاملاً حاسماً؛ ما يتطلب من الجيش الأمريكي التحرك بسرعة لسد الفجوة الصاروخية واستعادة تفوقه الدفاعي.