قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض عقوبات على روسيا لا يترك لأوروبا وأوكرانيا سوى خيار الانتظار.
وأضافت الصحيفة أن بعض المراقبين ينصحون أوكرانيا وحلفاءها الأوروبيين بالصبر، رغم تزايد الإحباط، وتزايد الدلائل على نية الولايات المتحدة التخلي عن موقفها من كييف.
وحثّ دبلوماسي أمريكي سابق مُطّلع على محادثات أوكرانيا الأوروبيين على التحلّي بالصبر مع ترامب.
وقال للصحيفة: "لدى ترامب حدسٌ داخلي، وهذه الغرائز سليمة، وليست خاطئة دائمًا، فهو يتعرج في مساره، وفي حالة أوكرانيا، يحكمه أكثر التكتيكات التي يحتاجها للتوصل إلى وقف إطلاق النار".
وبينما تُثير تناقضات ترامب وتقلباته مسألةً تُعد اليوم جوهر الدبلوماسية الحديثة، ينبغي البحث عن أفضل السبل للتأثير على تفكير الرئيس الأمريكي، سواء بشأن أوكرانيا، أم حتى غزة، وإيران، والصين.
وفي حالة أوكرانيا، يبدو أن الرئيس ترامب يُدرك أن السبب الوحيد لعدم وجود وقف إطلاق نار هو رغبة فلاديمير بوتين في شنّ حرب، على حد وصف التقرير.
وأضاف: "لذا، فهو يهدف على ما يبدو إلى جرّ بوتين تكتيكيًا، ملوحًا بالمكافآت؛ مجموعة الثماني، وصفقات الموارد، ورفع العقوبات، واجتماعات القمة، وفق الدبلوماسي السابق أيضًا".
وبحسب الصحيفة، قد تكون السخرية السوداء هي كل ما تبقى للأوروبيين.
وأشارت إلى أنهم يستوعبون ليس فقط رفض ترامب فرض "العقوبات القاسية" الموعودة بسبب رفض روسيا وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا، بل أيضًا الإشارات المتزايدة إلى أن الإدارة ستتخلى عن دورها في أوكرانيا، وستُركز بدلًا من ذلك على بناء شراكة اقتصادية جديدة مع روسيا.
وأردفت أن مزاج القادة الأوروبيين الذين استمعوا إلى وصف ترامب لمكالمته الهاتفية التي استمرت ساعتين مع فلاديمير بوتين هذا الاثنين، وهي مكالمة لم تُقرّب وقف إطلاق النار، تراوح بين اليأس والذهول.
ولفتت إلى أنه تختلف الروايات حول ما إذا كان الرئيس الأمريكي قد أخبر القادة الأوروبيين أن بوتين لا يريد السلام، أو ببساطة أنه يعتقد أنه ينتصر.
لكن المؤكد بعد هذه المكالمة هو أن ترامب لم يفرض أي عقوبات على روسيا.
ولفتت "الغارديان" إلى قول ترامب إن شروط الاتفاق لا يمكن أن تُوافق عليها إلا الأطراف المتحاربة؛ لأنهم يعرفون تفاصيل المفاوضات التي لا يعلم بها أحد.
لكنها استطردت قائلة إن كيث كيلوج، المبعوث الخاص لدونالد ترامب إلى أوكرانيا، أشار قبل أيام إلى خطة سلام أمريكية من عشرين نقطة، تبدأ بوقف إطلاق نار تم إطلاع الأوروبيين عليه، مناقضًا بذلك تمامًا ادعاء ترامب بأن الأطراف المتحاربة وحدها هي من تملك رأيًا في مستقبل أوكرانيا.
ووفق الصحيفة البريطانية، فإن شعور الناتو بالإحباط يتفاقم؛ لأن الدول الأوروبية وافقت على حزمة إنفاق دفاعي مُرهِقة ماليًا تُعالج جميع شكاوى ترامب بشأن التطفل.
وبينت أن دول الناتو ستعتمد هدفًا جديدًا على مدى السنوات الخمس إلى السبع المقبلة، يتمثل في إنفاق 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع الشامل، و1.5% على الأمن السيبراني والاستثمار في البنية التحتية المتعلقة بالدفاع، مثل الطرق والجسور، لتحسين تنقل القوات.
ورغم أن هذا قد يكون كافيًا لتجاوز أوروبا عقبة قمة الناتو دون أن يُثير ترامب غضبها، لكنه لا يُعالج المشكلة الأكثر جوهرية، وهي نظرة ترامب المُتسامحة تجاه روسيا.
وخلُصت إلى أن "الولايات المتحدة وأوكرانيا تبدوان أكثر توافقًا بشأن وقف إطلاق النار من أي وقت مضى منذ تولي الرئيس منصبه".
وصرّح ترامب في مناسبات عديدة بأنه لن يُلقي بأوكرانيا تحت عجلات الانهيار كدولة مستقلة.
لذا وفق التقرير، ينبغي على أوروبا إقناع الإدارة الأمريكية بأن التجارة الحرة والقواعد المشتركة أفضل من الصفقات التجارية.
وأضاف: "كما ينبغي لدول أوروبا أن تُظهر جديتها في الدفاع عن نفسها، وتُظهر بوضوح أنها تُقدم خدمات أمنية لا تستهلكها فقط".
وبدورها، يجب على أوكرانيا، وأوروبا، كما ترى "الغارديان" أن تتحليا بالصبر حتى لا تنكشف جبهاتهما الأمامية في وقت بدأت فيه روسيا باستنفاد مخزوناتها، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن مشكلة أوكرانيا لم تكن بالقوة البشرية، بل كانت في التدريب والذخيرة.
