رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي
تتحرك واشنطن اليوم خارج الإيقاع التقليدي للصراع الروسي الأوكراني، وذلك استنادًا إلى تصور جديد يقوم على منح الطرفين ضمانات أمنية تجمد خطوط النار وتعيد فتح مسار سياسي توقف منذ سنوات.
وتتعامل الإدارة الأمريكية مع خطة الرئيس دونالد ترامب باعتبارها محاولة لإعادة تشكيل قواعد اللعبة، عبر دمج أوراق الميدان مع تفاهمات أمنية قد تعيد رسم حدود النفوذ وتضع أساسًا لسلام طويل الأمد، رغم ما تحمله من تنازلات حساسة وتعقيدات قانونية وسياسية لكل الأطراف.
ومع تصاعد الجدل حول جدوى هذه الضمانات وحدود تأثيرها على مستقبل الصراع، يؤكد الخبراء أن نجاح الجهود الأمريكية لإحياء مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا يعتمد إلى حد كبير على قدرة خطة ترامب على توفير ضمانات أمنية للطرفين تُنهي الحرب دون فرض انتصار كامل لأي جانب.
وقال د. فادي حيلاني، الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الشؤون الأمريكية، إن الجدل الدائر حول مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية يفتح الباب أمام تساؤلات واسعة بشأن قدرة خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إعادة إطلاق مفاوضات السلام بين موسكو وكييف، خاصة مع الحديث عن الضمانات الأمنية التي تقترحها واشنطن للطرفين.
وأكد حيلاني في تصريحات لـ "إرم نيوز" أن نجاح أي مبادرة أمريكية يرتبط قبل كل شيء بموقف روسيا وأوكرانيا، وأن واشنطن تحاول اليوم لعب دور الوسيط لا الطرف المباشر كما كان في عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
وأشار إلى أن التسريبات المتعلقة بخطة ترامب، وما تتضمنه من تنازل أوكرانيا عن أجزاء من دونباس لصالح روسيا، أثارت انقسامًا واسعًا داخل الولايات المتحدة، حيث يرى جزء من الرأي العام أن واشنطن يجب أن تبقى طرفًا فاعلًا وليس وسيطًا، وهو ما يتعارض مع نهج ترامب المعلن.
وأضاف الباحث في العلاقات الدولية، أن الأساس الذي تقوم عليه الخطة هو وقف الحرب عبر تجميد خطوط التماس الحالية، بما يسمح لروسيا بالاحتفاظ بالمناطق الواسعة التي سيطرت عليها في دونباس، مقابل تفاهمات لاحقة قد تشمل تسويات بشأن أراض أخرى خارج الإقليم.
وأوضح د. فادي حيلاني، أن هناك توجهًا أمريكيًا لقبول هذه الخطوط الميدانية نتيجة قناعة بأن استمرار الحرب قد يتيح لموسكو التقدم أكثر، وهو ما لا يخدم مصالح كييف.
وأكد الخبير في الشؤون الأمريكية، أن وقف الحرب بهذا الشكل يعتبر في المنظور الأمريكي مصلحة لأوكرانيا رغم التنازلات، مشيرًا إلى أن الخطة تشمل أيضًا اعترافًا قانونيًا بسيطرة روسيا على القرم، مقابل ضمانات قوية لأوكرانيا تمنع أي هجوم روسي مستقبلي، قد تكون أوروبية الطابع في ظل رفض واشنطن نشر قوات داخل أوكرانيا.
وأشار إلى أن هذه البنود تثير اعتراضات واسعة داخل أوكرانيا نفسها؛ لأنها تتعارض مع الدستور الذي يمنع التنازل عن أي أراض؛ ما يجعل التطبيق معقدًا.
وأكد د. فادي حيلاني، أن انتقادات الخطة باعتبارها تميل لمصلحة روسيا ترد عليها الإدارة الأمريكية بوصفها مقاربة واقعية تستند إلى ميزان القوة الحالي، معتبرة أن وقف الحرب الآن أفضل لأوكرانيا من الاستمرار في نزاع يهدد بخسائر أكبر، وربما فقدان أراض جديدة.
من جانبه، أشار بسام البني، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إلى أن إمكانية استئناف المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا في ضوء الخطة الأمريكية الجديدة لا تزال معقدة وغير محسومة، رغم الزخم الذي تحاول واشنطن خلقه.
وأضاف في تصريحات لـ "إرم نيوز" أن الخطة، التي تتضمن 28 بندًا، تفرض على أوكرانيا تنازلات إقليمية في دونباس وتقليصًا لحجم قواتها والتخلي عن أنواع من السلاح، مقابل ضمانات أمنية تراها الولايات المتحدة أساسية لإعادة التوازن والاستقرار في المنطقة.
وكشف أن أوكرانيا من جانبها تطالب بالدخول كشريك كامل في وضع شروط الخطة، وإشراك الدول الأوروبية الداعمة لها في صياغة المخرجات النهائية، وهو ما يعكس تباين المصالح داخل المعسكر الداعم لكييف ويزيد المشهد تعقيدًا.
وأكد الخبير في الشؤون الروسية، أن الظروف الميدانية الصعبة التي تواجهها أوكرانيا، إضافة إلى حالة الارتباك السياسي الداخلي، قد تدفع القوى الكبرى إما إلى تأجيل أي مسار تفاوضي، وإما إلى الإسراع به وفقًا لمصالحها المباشرة.
وقال البني، إن كل حرب تنتهي في النهاية بتسوية سياسية، وإن روسيا ستكون مضطرة للوصول إلى صيغة تفاهم مع الولايات المتحدة لحل الأزمة الأوكرانية عبر مسار دبلوماسي يراعي مصالح الطرفين.
وأضاف أن التحركات التي يقوم بها ويتكوف، المبعوث الأمريكي، تعكس إدراكًا متزايدًا لدى واشنطن بأن الوصول إلى اتفاق سياسي قد يكون الخيار الوحيد لوقف الاستنزاف المستمر، وأن التسوية باتت ضرورة للطرفين مع تصاعد كلفة الحرب وتراجع المكاسب الميدانية المحتملة.