logo
العالم

بكاسحات الجليد النووية.. روسيا تخطط لبسط هيمنتها على القطب الشمالي

إحدى كاسحات الجليد النووية الروسيةالمصدر: مواقع التواصل الاجتماعي

تُعد كاسحة الجليد النووية الروسية "أورال" قمة في الهندسة البحرية الحديثة، وركيزة في سعي موسكو نحو الهيمنة الاستراتيجية في منطقة القطب الشمالي. وكجزء من مشروع 22220 الطموح، المعروف أيضًا باسم فئة "أركتيكا"، تُعتبر "أورال" واحدة من أكبر وأقوى كاسحات الجليد النووية في العالم.

وبحسب تقرير نشرته مجلة ذا ناشونال إنترست الأمريكية، صُمّمت هذه السفينة لاجتياز المساحات المتجمدة لطريق البحر الشمالي (NSR) في محاولة روسية لإنشاء ممر بحري بديل لقناة السويس وتلعب دورًا محوريًا في تسهيل الشحن على مدار العام، واستكشاف الموارد، وتعزيز النفوذ الجيوسياسي في أعالي الشمال.

أخبار ذات علاقة

غواصة ياسين-إم الروسية

بغواصة "بيرم" الخارقة.. روسيا تحرك للهيمنة على القطب الشمالي

ويُعزز تصميم "أورال" تعدد استخداماتها، مما يمكّنها من مرافقة السفن عبر المياه المغطاة بالجليد، وقطر السفن المعطلة، وحتى تنفيذ مهام بحثية. وفي السياق الأوسع للمشروع 22220، الذي يشمل أربع سفن عاملة بحلول عام 2025 (أركتيكا، سيبير، أورال، ياقوتيا) وثلاث سفن أخرى قيد الإنشاء، تُعزز "أورال" أسطول روسيا المخطط من سبع كاسحات جليد.

يُعد هذا التوسع حيويًا لمسار البحر الشمالي، الذي يمتد 3,107 أميال، ويُقلّص أوقات الشحن بين أوروبا وآسيا بنسبة تصل إلى 40%، مع قدرة على مناولة 80 مليون طن من البضائع سنويًا بحلول عام 2024.

تُعتبر "أورال" أحدث مثال على سعي روسيا لإنعاش أسطولها من كاسحات الجليد لضمان تفوقها الاقتصادي والعسكري على منافسيها الأمريكيين والصينيين.

وبُنيت "أورال" بالكامل في حوض بناء السفن في البلطيق، وتضمنت ميزات تصميم مبتكرة، مثل تركيب مفاعلاتها النووية RITM-200 مباشرة على المزلج المنحدر، وهو تطور عن السفن السابقة. وقد سهّل هذا النهج عملية التجميع، لكنه تطلب هندسة دقيقة للتعامل مع الحجم الهائل للسفينة. وصل هيكل "أورال" إلى مستوى حزام الجليد بحلول فبراير/ شباط 2019، مما يُظهر خبرة الحوض في التعامل مع المكونات النووية.

ورغم التحديات، أكد تسليم كاسحة الجليد "أورال" التزام روسيا ببناء السفن بالاعتماد على الذات، مع تطوير جميع التقنيات الرئيسة محليًا.

تشير التقارير إلى أن "أورال" قادرة على التعامل مع طبقات جليد يصل سمكها إلى أربعة أمتار في ظروف الشتاء. وهي مجهزة بمرافق طيران، تشمل مهبطًا وحظيرة لطائرات الهليكوبتر، وتستطيع العمل سبع سنوات باستخدام وقود المفاعل (أو ستة أشهر باستخدام المؤن).

صُممت هذه الكاسحة الضخمة لمهام القطب الشمالي على مدى عمر خدمة متوقع يبلغ 40 عامًا. ويتراوح غاطسها المتغير بين 28 و34 قدمًا، مما يسمح بالانتقال السلس بين عمليات أعماق البحار على طول طريق البحر الشمالي ومصبات أنهار القطب الشمالي الضحلة.

من الناحية التشغيلية، تُدار "أورال" من قِبل شركة FSUE Atomflot، ومقرها مورمانسك، الميناء الرئيس لروسيا في القطب الشمالي. وانطلقت رحلتها التشغيلية الافتتاحية في 2 ديسمبر/ كانون الأول 2022 إلى بحر كارا، حيث دعمت قوافل الشحن وأظهرت قدراتها في كسر الجليد. وبعد انتهاء الموسم، خضعت لإصلاحات في مصنع كرونشتادت البحري، اكتملت بحلول أواخر أكتوبر 2023، ما يبرز التحديات اللوجستية لصيانة هذه السفن العملاقة.

ومع ذلك، يظل الروس ملتزمين بثبات بالهيمنة على القطب الشمالي، وقد وفّروا لهذه المهمة موارد تفوق بكثير ما خصصه الأمريكيون. وفي الواقع، تفتقر الولايات المتحدة إلى كاسحات جليد تعمل بالطاقة النووية، وتمتلك عددًا قليلًا فقط من تلك التي تعمل بالطاقة التقليدية، مما يضعها في مرتبة متأخرة جدًا عن روسيا في سباق القطب الشمالي.

تتجاوز أهمية "أورال" الإنجازات التقنية، إذ ترمز إلى استراتيجية روسيا في القطب الشمالي وسط منافسة عالمية متزايدة. ومع فتح التغير المناخي لممرات بحرية جديدة، تسهّل "أورال" استخراج الهيدروكربونات وتعدين المعادن وتعزيز التجارة، ما يُسهم بمليارات الدولارات في الاقتصاد الروسي. ومن الناحية الاستراتيجية، تعزز هذه الكاسحة مطالبة روسيا بأراضي القطب الشمالي، في مواجهة التهديدات المتصورة من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وحتى الصين.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC