شهد طريق الهجرة غير الشرعية من أفريقيا إلى جزر البليار الواقعة شرق إسبانيا، زيادة بلغت 70% مقارنة بطريق جزر الكناري، الذي تراجع بنسبة 46%، وهو فرق يعود إلى انخفاض تكاليف الهجرة من هناك.
ومنذُ بداية عام 2025، أصبحت جزر البليار الطريق البحري الرئيس للهجرة غير الشرعية إلى إسبانيا، متجاوزةً الطريق الأطلسي، عبر جزر الكناري التي تتبع إسبانيا، خاصة أن الأخير يعد أكثر خطور.
ولم تعد اليخوت الفاخرة، والقوارب الشراعية، هي الوحيدة، التي ترسو قبالة سواحل إيبيزا ومايوركا، فمنذ بداية العام، رسا قرابة 5000 قارب، معظمها من قوارب من نوع "زودياك"، على متنها مهاجرون جزائريون.
وأرجع الخبراء التحول في تدفقات الهجرة الى عدة أسباب، أهمها مساهمة سياسات الرقابة التي انتهجتها دول أفريقية، مثل: موريتانيا، والسنغال، والمغرب، التي أصبحت أكثر صرامة في الحد من أعداد المهاجرين المغادرين.
وبحسب ما ذكرته صحيفة "لاكروا" الفرنسية، اليوم الخميس، فقد التزمت إسبانيا بالاستثمار في برامج تدريبية في هذه الدول الواقعة في غرب أفريقيا لمساعدة السكان على الاستقرار، وطبقت نظام توظيف من المصدر بعقود مؤقتة لتعزيز ضبط قوارب الهجرة.
بدورها صرحت المديرة العامة للمفوضية الإسبانية لمساعدة اللاجئين مونيكا لوبيز، أن ازدهار الهجرة إلى جزر البليار يعود لأن الطريق أقصر وأرخص، حيثُ تبلغ حوالي 1500 يورو مقارنةً بـ 3000 يورو لطريق جزر الكناري.
وأشارت الى أن "المهاجرين، وكثير منهم قادمون من الصومال، يتجنّبون المرور عبر ليبيا، ويسعون إلى المغادرة من الجزائر. كما أن هناك عددًا متزايدًا من الجزائريين المهاجرين غير الشرعيين".
في مواجهة هذا التدفق الجديد، دقّت الرئيسة الإقليمية المحافظة لجزر البليار الإسبانية مارغا بروهينز، ناقوس الخطر، وحثّت الحكومة المركزية على اتخاذ إجراءات لمكافحة وصول المهاجرين غير الشرعيين.
ودعت، في مؤتمر صحفي، إلى تعاون أكبر مع الجزائر لتجنب أزمة إنسانية، ونشر حرس الحدود وخفر السواحل الأوروبي التابع لوكالة "فرونتكس".
ومنذُ شهر كانون الثاني/ينانير الماضي، ارتفعت حوادث غرق السفن قبالة جزر البليار، حيث لقي 328 شخصاً حتفهم في البحر، وكانت آخر مأساة في منتصف شهر آب/أغسطس الماضي، عندما لقي 12 شخصًا من دول المغرب العربي حتفهم بعد قفزهم من قارب قبالة جزيرة فورمينتيرا.
وأكدت الحكومة المحلية أن الحرس المدني، المسؤول عن عمليات الإنقاذ البحري، لا يملك الموارد اللازمة للتعامل مع التدفق الهائل للمهاجرين.
وفي أوائل شهر آب/أغسطس الماضي، وصل 600 مهاجر غير شرعي في غضون 3 أيام فقط.
وتكتظّ مراكز الاستقبال حيث تضمّ الجزر الثلاث الكبرى (مايوركا، إيبيزا، ومينوركا) وفق أرقام رسمية 64 مكانًا للمهاجرين، فيما يجد المئات منهم مأوى في حدائق المدن الرئيسة، في انتظار نقلهم إلى مراكز إيواء.
ومن جهة أخرى، هناك مشكلة المهاجرين القصَّر اذ يُعتنى، حاليًا، بنحو 600 طفل في مراكز مُصمّمة لإيواء 400 شخص، وتخشى السلطات المحلية من زيادة في أعداد الوافدين في الأسابيع المقبلة، حيث يُعدّ الخريف وقتًا مناسبًا للإبحار.