الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
تشهد أمريكا اللاتينية تصعيدًا دبلوماسيًّا حول صفقة مقاتلات كولومبية جديدة، حيث يواجه الرئيس جوستافو بيترو ضغوطًا أمريكية مباشرة لاختيار طائرات إف-16 المستعملة، بينما يُصر على شراء طائرات Saab Gripen-E/F السويدية الجديدة.
وتأتي هذه الخطوة في إطار سعي كولومبيا لتحديث أسطولها الجوي واستبدال المقاتلات الإسرائيلية القديمة من طراز Kfir، مع الحرص على تحقيق استقلالية دفاعية واستراتيجية بعيدًا عن التبعية للمكون الأمريكي، بحسب صحيفة "يوراسيان تايمز".
أعلن بيترو في أبريل 2025 توقيع خطاب نوايا مع الحكومة السويدية لشراء مقاتلات جريبن الجديدة، مشيرًا إلى اعتماد الطائرات بالفعل في البرازيل، بما يضمن تكنولوجيا متقدمة وأداءً تكتيكيًّا حديثًا.
وفي المقابل، عرضت الولايات المتحدة 24 طائرة إف-16، مزيجًا من الطائرات المستعملة والجديدة، بأسعار أقل وبتوافق تشغيلي مع أسطول كولومبيا الحالي، مع التركيز على دعم شبكات التدريب والمعدات المشتركة مع حلف الناتو.
خلفيات الصفقة والخيارات الإقليمية
تعكس التحركات الكولومبية درسًا مستفادًا من التجربة الأرجنتينية، التي اختارت طائرات إف-16 المستعملة من الدنمارك على الرغم من عروض صينية أكثر جاذبية ماليًّا، مثل طائرة JF-17 Thander.
وقد وفرت الولايات المتحدة تمويلًا غير مسبوق للأرجنتين، مما خفض تكلفة الطائرات بشكل كبير، مع تسليم طائرات مجهزة بصواريخ AIM-120 وAIM-9، وبدء التدريب العسكري في أريزونا.
أما كولومبيا، فهي تقيّم عوامل التكلفة، وأمن سلسلة التوريد، والتوافق مع التحالفات الدولية، لكنها تُركز كذلك على الاستقلالية الاستراتيجية والتنويع بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية.
ويشير ذلك إلى أن اختيار طائرات جريبن السويدية يهدف إلى تحقيق توازن بين التكنولوجية الحديثة والتقليل من الاعتماد الكامل على الولايات المتحدة، وهو خيار يستند إلى البيانات العملياتية والبنود الفنية التي أثبتتها التجربة البرازيلية.
تصاعد التوترات مع واشنطن
اتخذت الولايات المتحدة خطوات لتوجيه كولومبيا نحو خيار إف-16، باستخدام ضغط دبلوماسي واقتصادي وتهديدات تتعلق بالعقوبات التجارية ومكافحة المخدرات.
كما تم توجيه إشارات بشأن إمكانية استخدام حق النقض (الفيتو) ضد تصدير محركات جنرال إلكتريك F414-GE-39E الضرورية لطائرات جريبن، وهي خطوة اعتبرها المسؤولون الكولومبيون تدخلًا مباشرًا في سيادة القرار الوطني.
رد الرئيس بيترو كان حازمًا، مؤكدًا أن كولومبيا دولة ذات سيادة وليست مجبرة على شراء طائرات مستعملة أو تحت ضغط خارجي، وهدد بالتحول نحو مقاتلات روسية مثل Su-30SM أو Su-35 في حال استمرار ما وصفه بالسيطرة الأمريكية القسرية على سوق الأسلحة الإقليمية.
وقد أكد دعم السويد واستفادة كولومبيا من التجربة البرازيلية على قدرة البلد على مقاومة الضغوط الأميركية وتحقيق خيار مستقل يعزز الدفاع الجوي الاستراتيجي.
تُسلط هذه الصفقة الضوء على تحديات شراء الأسلحة الحديثة في أمريكا اللاتينية، حيث تتقاطع الاعتبارات التقنية مع الدبلوماسية الدولية، والاقتصاد مع الاستراتيجية الوطنية.
يعكس خيار كولومبيا الحالي رغبتها في تحقيق توازن بين تكلفة دورة الحياة، والأداء القتالي، واستقلالية القرار العسكري، في مواجهة النفوذ الأميركي التقليدي في المنطقة.
يبقى السؤال المفتوح: هل ستنجح الولايات المتحدة في فرض خياراتها، أم ستثبت كولومبيا أنها قادرة على صياغة سياسة دفاعية مستقلة في قلب توترات إقليمية معقدة؟