تختبر روسيا أعصاب الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي بمناورات "زاباد-2025" العسكرية التي تجريها مع بيلا روسيا. ورغم وصف موسكو لها بأنها "دفاعية بحتة"، لكنها تثير قلق الناتو لارتباطها بسابقة تاريخية، إذ سبقت مناورات مماثلة حرب أوكرانيا في 2022.
توقيت المناورات، التي جاءت في خضم أسبوع شهد توغلاً جوياً روسياً غير مسبوق في أجواء بولندا، يدق ناقوس الخطر في أوروبا الشرقية، وفق تقرير لشبكة "سي إن إن" الأمريكية.
ويرى محللون عسكريون أن مناورات روسيا المشتركة ليست مجرد تمارين روتينية، بل هي اختبار حقيقي لعزم الناتو، خاصة في ظل "الذكريات المؤلمة" للهجوم على أوكرانيا قبل ثلاث سنوات.
ويوم الأربعاء، اخترقت طائرة مسيّرة روسية المجال الجوي البولندي، مما أجبر طائرات الناتو على الإقلاع لاعتراضها. هذا التوغل، الذي فعّل المادة الرابعة من ميثاق الحلف، التي تتيح التشاور في حال التهديدات، أعاد إلى الأذهان دور بيلاروسيا كحليف أصغر لروسيا.
وأعلن وزير الداخلية البولندي، مارسين كيرفينسكي، إغلاق الحدود مع بيلاروسيا اعتباراً من منتصف ليل الخميس، مع نشر أسلاك شائكة وحواجز عسكرية.
"المناورات تستهدف بولندا والاتحاد الأوروبي مباشرة"، أوضح كيرفينسكي في مؤتمر صحفي عند معبر تيريسبول-بريست، مشيراً إلى أن التدريبات تشمل سيناريوهات عدائية ضد "بلدنا".
وكانت وكالة الأنباء البيلاروسية "بيلتا" نشرت لقطات تظهر النشاط البولندي، معتبرة إياه "استفزازاً". من جانبها، وصفت المتحدثة الروسية ماريا زاخاروفا هذه الإجراءات بأنها "خطوات مواجهة" تهدف إلى تصعيد التوترات في قلب أوروبا، مؤكدة أن "زاباد" دفاعية الطابع.
وتُجرى المناورات في ميادين تدريب روسية وبيلاروسية، إضافة إلى مياه بحر البلطيق وبارنتس، حيث يشارك نحو 8000 جندي – 6000 بيلاروسي و2000 روسي – في تدريبات على الأراضي البيلاروسية.
وهذا الحجم أصغر بكثير من "زاباد-2021"، التي شهدت مشاركة 200 ألف عسكري، 80 طائرة، 290 دبابة، و240 قطعة مدفعية، وفقاً لأرشيف وزارة الدفاع الروسية.
ويُعزى التراجع إلى انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، خاصة في دونباس، لكن العقيد الليتواني ميندوغاس مازوناس حذر، في مقابلة تلفزيونية، من أن "الحجم الصغير لا يقلل من التهديد، إنه اختبار للاستجابة".
لكن القلق يتفاقم في الناتو بسبب سابقة تاريخية، إذ سبقت "زاباد-2021" حشداً روسياً هائلاً قرب أوكرانيا، حيث تركت هناك أسلحة ثقيلة، ودبابات ومدفعية بجانب الحدود، لتُستخدم لاحقًا في الحرب بفبراير/ شباط 2022، إذ يخشى مسؤولون غربيون أن تكون هذه المناورات ستاراً مشابهاً، خاصة مع تركيزها على "صد العدوان" في الغرب.
ويرى تقرير "سي إن إن" أن الشكوك ستبقى قائمة في الجناح الشرقي، إذ يعزز الناتو وجوده، مع نشر بولندا وحدات إضافية، في حين ترفع ليتوانيا ولاتفيا حالة التأهب، وسط تأكيد الخبراء أن "الاختبار الحقيقي ليس في العدد، بل في النوايا".