logo
العالم

موجة الاعتراف بفلسطين.. رمزية دبلوماسية أم بداية لتوازن جديد في الشرق الأوسط؟

الرئيس الفرنسي ماكرونالمصدر: (أ ف ب)

أعلنت فرنسا رسميًا اعترافها بدولة فلسطين، في خطوة تحمل بعدًا رمزيًا ودبلوماسيًا يهدف إلى إعادة رسم موازين القوى في الشرق الأوسط، وتوجيه رسالة قوية حول التزام المجتمع الدولي بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة.

وإلى جانب فرنسا، أعلنت بلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وسان مارينو وأندورا الانضمام إلى هذه الموجة من الاعترافات، في حين سبقتها المملكة المتحدة وأستراليا وكندا والبرتغال بيوم واحد.

وهذه الخطوة تأتي في سياق تصاعد التوترات في الشرق الأوسط بعد أقل من عامين على هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واختطاف 251 رهينة، وهو ما وضع إسرائيل في حالة عزلة دولية غير مسبوقة، بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

تبرز الخطوة الفرنسية جملة من الرسائل المتناقضة: من جهة، تؤكد الدول الغربية دعمها لحل الدولتين وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة؛ ومن جهة أخرى، تثير هذه التحركات غضب إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين تعتبران أن الاعتراف في هذا التوقيت قد يمنح حماس مكافأة رمزية دون أن يساهم في إطلاق سراح الرهائن أو إنهاء الحرب في غزة.

وبحسب مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين، فإن هذه الاعترافات قد تزيد التعقيد في إدارة الأزمة الإنسانية والسياسية، بدل أن تعالجها.

الاعتراف مشروط بالسلام والالتزام بالإصلاح

خلال كلمته الافتتاحية، أكد ماكرون أن كسر دائرة العنف يتطلب "الاعتراف بالآخر"، داعياً إلى الإفراج الفوري عن الرهائن ووقف إطلاق النار، ومؤكداً أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يمثل خطوة جوهرية نحو تعزيز السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

أخبار ذات علاقة

ماكرون متحدثا من نيويورك

"يجب أن تكون منزوعة السلاح".. ماكرون يعلن رسميا اعتراف فرنسا بدولة فلسطينية

وأقر ماكرون بأن هجوم حماس يشكل "جرحًا مفتوحًا للإسرائيليين" و"لضميرنا العالمي"، مؤكدًا التزام باريس بمكافحة معاداة السامية وعدم نسيان الضحايا.

ومع ذلك، شدد على أن رد إسرائيل على الهجوم تجاوز كل الحدود، وأن الحرب المستمرة في غزة لا مبرر لها، مشددًا على أهمية حماية المدنيين الفلسطينيين وحقهم في حياة آمنة.

من جانبه، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس جاهزية السلطة الفلسطينية لإدارة الدولة المستقبلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، مشددًا على التزام حكومته بإصلاح شامل للحوكمة، وتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون، ونزع سلاح حماس، ومكافحة خطاب الكراهية، وتنظيم انتخابات تحت مراقبة دولية خلال عام من انتهاء الحرب.

كما التزم عباس بصياغة "دستور مؤقت" لضمان التزام جميع الأطراف بميثاق منظمة التحرير الفلسطينية، الذي يعترف بحق إسرائيل في الوجود، وهو ما يشكل شرطًا أساسيًا لدعم المجتمع الدولي لهذه الخطوة.

وإضافة إلى ذلك، حدد ماكرون أن فتح السفارة الفرنسية في فلسطين مرتبط بإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار، في خطوة تبرز رغبة باريس في الربط بين الرمزية الدبلوماسية والواقع الميداني.

أخبار ذات علاقة

من أعمال مؤتمر حل الدولتين

الدائرة تتسع .. دعوات لوقف الحرب في غزة والاعتراف بدولة فلسطين

وتأتي هذه الالتزامات لتشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة السلطة الفلسطينية على إدارة الدولة المستقبلية بمسؤولية، وهو ما قد يعزز شرعيتها الدولية بعد سنوات من الانقسامات الداخلية والصراعات المسلحة.

تحديات إسرائيل وأمريكا

غابت إسرائيل والولايات المتحدة عن المؤتمر؛ ما يعكس عمق الانقسام في المواقف الدولية؛ وأكد السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون أن إسرائيل لا تزال ترفض إطار حل الدولتين في ظل الوضع الراهن، مشيرًا إلى أن التركيز ينصب حاليًا على استعادة الرهائن وهزيمة حماس، وأن إسرائيل لا ترى شريكًا فلسطينيًا متعاونًا على الأرض.

وتعكس هذه المقاربة الإسرائيلية تصورًا بأن الاعتراف الدولي لا يخلق بالضرورة شريكًا للسلام، بل قد يعقد العملية السياسية ويزيد من الضغوط على إسرائيل في ملف الأمن والحدود.

وعلى الصعيد الإقليمي، أعلنت إندونيسيا تجديد عرضها بتقديم قوة حفظ سلام للمساهمة في استقرار غزة، فيما أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي عن استضافة مؤتمر لإعادة إعمار القطاع فور التوصل إلى وقف إطلاق النار، مع التركيز على حشد التمويل اللازم للخطة العربية الإسلامية لإعادة الإعمار.

أخبار ذات علاقة

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان

وزير الخارجية السعودي يدعو العالم إلى الاعتراف بدولة فلسطين

وصرح رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بأن الاعتراف بدولة فلسطين يمثل "علامة فارقة" ولكنه "فقط البداية"، داعيًا إلى قبول فلسطين كعضو كامل في الأمم المتحدة.

وتضع التحركات الأوروبية والفرنسية بوجه خاص إسرائيل في موقف صعب، حيث يجب عليها موازنة مصالحها الأمنية مع التحديات الدبلوماسية المتزايدة.

كما يرفع الاعتراف بدولة فلسطين في هذا التوقيت سقف التوقعات الدولية، ويضغط على إسرائيل لضبط سلوكها في غزة والضفة الغربية، مع ضمان ألا يؤدي أي تصعيد إلى انهيار جهود السلام الإقليمية والتعاون الدولي.

وفي المقابل، يمثل المؤتمر فرصة لتعزيز الشرعية الدولية للسلطة الفلسطينية، وإظهار قدرتها على إدارة الدولة المستقبلية، بما قد يشكل رافعة سياسية مهمة للفلسطينيين بعد سنوات من الانقسام والصراعات المسلحة.

يمثل مؤتمر الأمم المتحدة نقطة تحول في النزاع الإسرائيلي–الفلسطيني، إذ يجمع بين الاعتراف الدولي، وإصلاح السلطة الفلسطينية، والمبادرات الإقليمية لدعم استقرار غزة، في وقت تواجه إسرائيل ضغوطًا سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

"مجرد كلمات".. ترامب يعلق على الاعتراف بدولة فلسطين

وتشكّل الخطوة الفرنسية والأوروبية اختباراً لقدرة المجتمع الدولي على الجمع بين الرمزية والفعالية، وضمان أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يقتصر على خطاب دبلوماسي، بل يترجم إلى خطوات ملموسة نحو السلام والاستقرار في المنطقة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC