الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
تشهد العلاقات الأمريكية–الباكستانية مرحلة جديدة من التعافي بعد سنوات من التوتر وانعدام الثقة؛ فالعلاقات لم تعد مقتصرة على التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، بل تتجه نحو شراكة اقتصادية واستراتيجية طويلة الأمد، تركز على الطاقة والتكنولوجيا والمعادن الأساسية، بما يعكس تحوّلًا في أولويات واشنطن تجاه جنوب آسيا.
وبحسب صحيفة "يوراسيان رفيو"، فقد تميزت المرحلة الجديدة بلقاءات متكررة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف والجنرال عاصم منير، ما يشير إلى إعادة باكستان إلى الرادار الاستراتيجي لواشنطن بعد نحو عقد من الغياب.
وتركز هذه الشراكة على الاستثمار في المعادن الأساسية، إذ تعهدت شركة المعادن الاستراتيجية الأمريكية (USSM) بمبلغ 500 مليون دولار لاستكشاف ومعالجة النحاس والليثيوم والمعادن الأرضية النادرة، وهي عناصر حيوية لصناعة السيارات الكهربائية والصناعات الدفاعية.
وقد شحنت باكستان أول دفعة من العناصر الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة، مما حول الحوار إلى تعاون تجاري مباشر.
وتتفاوض الدولتان الآن على أطر استثمارية وتجارية تشمل تخفيف الرسوم الجمركية وتقديم حوافز للشركات الأمريكية في باكستان، في خطوة تهدف إلى تحويل الموارد الطبيعية إلى قوة اقتصادية واستراتيجية.
باكستان حليف جيوسياسي جديد
وتمثل الصفقة المعدنية لباكستان رسالة جيوسياسية واضحة، إذ تعزز مكانتها كمصدر بديل للمعادن الأساسية في وقت تسعى واشنطن لتقليل اعتمادها على الصين، التي تسيطر حاليًا على 70% من معالجة المعادن الأرضية النادرة عالميًا.
وتمتلك باكستان احتياطيات كبيرة وغير مستغلة من النحاس والذهب والمعادن الأرضية النادرة، ما يمنحها فرصة تعزيز نفوذها الدولي والاقتراب من مراكز القرار الاقتصادي الاستراتيجي.
ويشير هذا التوجه إلى نهج باكستان العملي: الاستفادة من البنية التحتية الصينية ضمن مبادرة الحزام والطريق، مع إدخال رأس المال والاستثمارات الأمريكية، ما يتيح لها التنويع وليس الاستبدال، ويعيد تشكيل معادلة التوازن الإقليمي، خصوصًا بالنسبة للهند وأفغانستان، حيث تسعى واشنطن لموازنة النفوذ الإقليمي بعد سنوات من التركيز شبه الحصري على نيودلهي.
كما تستفيد باكستان من موقعها كحلقة وصل لتصدير الموارد من آسيا الوسطى عبر موانئها، بما يدعم مشاريع غير مسبوقة في التجارة الإقليمية.
ومع ذلك، تواجه هذه الفرص تحديات كبيرة، منها عدم الاستقرار السياسي، وتقلب الأوضاع في بلوشستان، وضعف البنية التحتية، وانعدام الثقة التاريخي بين واشنطن وإسلام آباد، ما يجعل نجاح هذه الشراكة رهينًا بالتنفيذ الفعلي وليس بالدبلوماسية فقط.
في المجمل، تشكل العلاقات الأمريكية–الباكستانية في قطاع المعادن خطوة نحو بناء شراكة اقتصادية وجيوسياسية جديدة، يمكن أن تعيد رسم خريطة النفوذ في جنوب آسيا، وتفتح الباب أمام باكستان لتعزيز موقعها الإقليمي وتحويل مواردها إلى قوة اقتصادية وجيوسياسية ملموسة، مع الاستفادة المتزامنة من البنية التحتية الصينية والاستثمارات الغربية.