أعلنت مجموعة من مشغلي أكبر الموانئ النفطية في الصين عن قيود جديدة تستهدف ناقلات النفط الأجنبية المعروفة بـ"أسطول الظل"، والتي تنقل النفط الخام الخاضع للعقوبات الدولية من روسيا وإيران وفنزويلا.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها ضربة مباشرة لقدرة هذه الدول على الالتفاف على العقوبات، خاصة مع اعتماد الصين المتزايد على النفط الروسي والإيراني لتلبية احتياجات مصافيها، وفق صحيفة "نيوزويك".
أصبح ميناء تشينغداو في مقاطعة شاندونغ الشرقية، الذي يستقبل نحو سدس واردات الصين من النفط الخام، مركز الاهتمام.
ويشير المحللون إلى أن ضغوط العقوبات الدولية بدأت تثقل كاهل الشركات الصينية، لا سيما أن الحصة الإجمالية للنفط الخاضع للعقوبات من هذه الدول ارتفعت إلى 27% من واردات الصين النفطية في عام 2024، مقارنة بـ15% في 2019، وفق معهد أكسفورد لدراسات الطاقة.
ووفقًا لإشعار اطلعت عليه بلومبرغ، ستدخل القيود الجديدة حيز التنفيذ في الأول من نوفمبر.
وستشمل القيود الحظر على ناقلات النفط التي تستخدم أرقامًا مزيفة للمنظمة البحرية الدولية، السفن التي يزيد عمرها عن 31 عامًا، السفن ذات سجل التلوث أو الحوادث، وأي سفن تحمل شهادات منتهية الصلاحية أو غير صالحة.
تشمل شركات التشغيل المتأثرة كلا من: تشينغداو شيهوا، تشينغداو جانجكسين، تشينغداو ليكسينغ، وتشينغداو هايي، مع اعتماد نظام تقييم يعتمد على العمر، التصنيف، وتغطية مسؤولية التلوث؛ ويُمنع دخول أي ناقلة تقل تصنيفاتها عن 55 نقطة على مقياس 100 نقطة، باعتبارها عالية الخطورة.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت حساس، إذ تم إدراج مناطق مثل هوانغداو ودونغجياكو ضمن العقوبات الأمريكية بعد اكتشاف شحنات نفط إيرانية على متن ناقلات خاضعة للعقوبات.
وعلى الرغم من دفاع الصين عن مشترياتها، إلا أن الضغوط بدأت تُلقي بظلالها على مشغلي الموانئ.
منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 2022، ارتفعت المشتريات الصينية من النفط الروسي بشكل كبير، ما ساعد موسكو على تجاوز العقوبات الدولية وقيود أسعار النفط التي وضعتها مجموعة السبع.
ومع ذلك، تشير الخطوات الأخيرة لموانئ شاندونغ إلى أن هذه المساحة للتهرب من العقوبات بدأت تتقلص تدريجيًا.
تقول إيما لي، المحللة الصينية لدى شركة فورتيكسا: "يبدو أن قواعد تصنيف مخاطر ناقلات النفط الجديدة هي خطوة احترازية مدفوعة بالمخاوف البيئية وضغوط العقوبات الأمريكية المتزايدة، رغم عدم ذكر الأخيرة صراحة".
وأوضح أندريه يرماك، رئيس مكتب الرئيس الأوكراني، أن هذه الخطوات تُظهر كيف يتم تضييق نطاق التهرب من العقوبات تدريجيًا على المستوى الدولي.
في المقابل، تجنب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض عقوبات مباشرة على الصين حتى الآن، خوفًا من تأثير ذلك على أسعار النفط العالمية، إذ إن جزءًا كبيرًا من النفط الروسي المكرر في الصين يُعاد تصديره إلى أسواق أوروبا والدول الأخرى.
كما حذّر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الشهر الماضي من أن أي عقوبات على المصافي الصينية ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار عالميًا.
يمثل الحظر الجديد على أسطول الظل اختبارًا لقدرة الصين على التوازن بين الالتزام بالضغوط الدولية والمحافظة على إمداداتها النفطية الحيوية.
كما يعكس الضغوط المتصاعدة على روسيا وإيران للحد من استخدام سفن بديلة لتفادي العقوبات. ومع اقتراب بدء تطبيق القيود في نوفمبر، يبقى السؤال حول مدى قدرة مصافي الصين والموردين على التكيف مع هذه الإجراءات دون تعطيل كبير للسوق النفطية العالمية.
ويشير هذا التحرك إلى مرحلة جديدة من "ضغط العقوبات الذكي"، الذي يهدف إلى تقليص قدرة الدول الخاضعة للعقوبات على الالتفاف عليها، ويضع الصين في موقف صعب بين مصالحها الاقتصادية والالتزام بالمعايير الدولية.