logo
العالم

"تيك توك" على مفترق طرق.. نسخة أمريكية أبسط مقابل حماية الملكية الصينية

أبلكيشن تيك توك مع علم أمريكاالمصدر: غيتي إيمجز

تقترب المفاوضات الطويلة بشأن تيك توك من مرحلة حاسمة، حيث من المتوقع أن يناقش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ الشروط النهائية للصفقة يوم الجمعة.

قد تؤدي الاتفاقية الإطارية، التي تم التوصل إليها هذا الأسبوع، إلى بيع عمليات تيك توك في الولايات المتحدة لمجموعة شركات أمريكية، فيما يصف الخبراء ذلك بأنه اختراق نادر في العلاقات التجارية بين القوتين الكبيرتين، وقد يحسم قضية تصدرت العناوين لسنوات، وعكست حساسيتها الاقتصادية والسياسية على مستوى العالم.

قد يكون الاتفاق أيضًا انتصارًا دبلوماسيًا للصين، التي لطالما واجهت ضغوطًا لإجبار شركة "بايت دانس" على التخلي عن السيطرة على خوارزمية تيك توك، وهي "الوصفة السرية" التي تحدد المحتوى لكل مستخدم، وفق شبكة "بي بي سي" البريطانية.

بالنسبة للصين، فإن الحفاظ على الملكية الفكرية والتقنية الأساسية للتطبيق يمثل أولوية استراتيجية؛ ما يجعل أي اتفاق محتمل بمثابة تحقيق مكاسب مزدوجة: السماح للشركة بالبقاء في السوق الأمريكية دون فقدان السيطرة على التكنولوجيا، وفي الوقت نفسه تقديم صورة لنجاح دبلوماسي في حل قضية شائكة.

أخبار ذات علاقة

تطبيق "تيك توك"

ترامب يمدد مهلة حظر تيك توك للمرة الرابعة

ومع وجود 170 مليون مستخدم أمريكي، يمثل تيك توك سوقًا مربحًا وحيويًا، وقدرت الإيرادات العالمية لشركة "بايت دانس" في العام 2024 بنحو 39 مليار دولار، منها 30 مليار دولار من تيك توك وحده.

وهذا يعني أن الولايات المتحدة تشكل حوالي نصف إيرادات التطبيق؛ ما يجعل السوق الأمريكية هدفًا استراتيجيًا للشركة الصينية.

جوهر الصراع: الخوارزمية الصينية
يبقى قلب الصراع حول خوارزمية تيك توك، التقنية التي تمنح التطبيق جاذبيته وقدرته على الاحتفاظ بالمستخدمين. فحتى التطبيقات المنافسة مثل إنستغرام Reels ويوتيوب Shorts فشلت في إعادة إنتاج نفس مستوى التفاعل والانتشار، وفق مسؤول تنفيذي سابق في وسائل التواصل الاجتماعي طلب عدم الكشف عن هويته.

وتعتبر "بايت دانس" أن التخلي عن هذه الخوارزمية يعني فقدان أهم أصولها. ومع ذلك، أظهرت السلطات الصينية مرونة غير متوقعة، إذ يمكن لشركة "بايت دانس" ترخيص الخوارزمية لشركة أمريكية دون نقل الملكية بشكل كامل. وتشير التقارير إلى أن النسخة الأمريكية قد تعمل على نسخة مبسطة من التطبيق، تحافظ على أداء مناسب للمستخدمين، لكنها أقل تعقيدًا من النسخة الأصلية.

أخبار ذات علاقة

التوصل لاتفاق أمريكي-صيني بشأن "تيك توك"

من "خطر أمني" إلى ورقة مساومة.. هل باع ترامب ملف "تيك توك" لبكين؟

من جانبه، يقول الدكتور جايدكا، خبير الحوسبة بالجامعة الوطنية في سنغافورة: "الوصول المحدود إلى الخوارزمية قد يؤثر على تجربة المستخدم، ويجعل التطبيق الأمريكي أبطأ وأقل تنوعًا في المحتوى، بينما تحتفظ بايت دانس بـالجواهر التاجية في بكين".

وهذا يعني أن الولايات المتحدة ستحصل على تسوية شكلية، بينما تظل السيطرة التقنية الكبرى محفوظة للصين؛ ما يضمن لها نفوذًا طويل الأمد على سوق حيوي يقدر بمليارات الدولارات.

تحديات قانونية واستراتيجية
الصفقة ليست مجرد اتفاق تجاري، بل محاطة بعدة تعقيدات قانونية واستراتيجية؛ إذ يحتاج الترخيص إلى موافقة مجلس إدارة بايت دانس، إلى جانب التنسيق مع النسخ الدولية للتطبيق.

كما أن الرئيس الأمريكي نفسه يمثل عاملاً غير متوقع يمكن أن يؤثر على سير الصفقة، خاصة في ظل الطبيعة المتقلبة لسياسات ترامب.

وعلى الصعيد القانوني، يفرض التشريع الأمريكي أن يكون التحكم في تيك توك خاليًا من أي "سيطرة أجنبية"، وهو ما يجعل الترخيص محل جدل بين المشرعين الأمريكيين.

ويشير المحامي هديل عبد الهادي لهيئة "بي بي سي" إلى أن الصفقة "قد لا تلبي متطلبات الانفصال الكامل عن خصم أجنبي"؛ ما يضع الاتفاق تحت رقابة صارمة قبل اعتماده.

ويظل تيك توك اقتصاديًا أحد أكثر التطبيقات ربحية في الولايات المتحدة، ويشكل سوقًا مهمًا لمستخدمي الإنترنت والمعلنين على حد سواء.

أخبار ذات علاقة

تيك توك

بكين تؤكد التوصل مع واشنطن إلى "تفاهم" بشأن تيك توك

وبحسب المدير التنفيذي السابق لشركة وسائل التواصل الاجتماعي، فإن "تيك توك هو التطبيق العالمي الوحيد الذي لم يُنشأ في الولايات المتحدة، لذا تكمن قيمته في احتفاظه بالهيمنة على أسواق ضخمة، مع نقل التكنولوجيا وفق شروط الصين".

وبالنسبة للصين، تمنح الصفقة فرصة للحفاظ على نفوذ تكنولوجي واستراتيجي؛ فهي تصدر التكنولوجيا الصينية بشروطها الخاصة، وتخلق نموذجًا للترخيص قد يُستخدم مستقبلًا لتصدير تقنيات أخرى مثل البطاريات والمعادن النادرة إلى الأسواق الأمريكية، مع الحفاظ على سيطرتها على أهم الأصول الأساسية.

ويخلص الخبراء إلى أن الصفقة، إذا تم تنفيذها، ستسمح للصين بالاحتفاظ بنفوذ كبير، بينما تقدم للولايات المتحدة حلًا وسطًا تقنيًا وتجاريًا.

ومع ذلك، يظل التطبيق الأمريكي على الورق مشابهًا للنسخة الأصلية، بينما تُدار العمليات الأساسية في بكين خلف الكواليس؛ ما يجعل من الصفقة إنجازًا لصين أكثر من كونها انتصارًا كاملًا للولايات المتحدة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC