logo
العالم

بين العقوبات و"أم الفرص".. رسوم ترامب تضع الهند على مفترق طرق

بين العقوبات و"أم الفرص".. رسوم ترامب تضع الهند على مفترق طرق
مودي وترامبالمصدر: منصة إكس
26 أغسطس 2025، 5:48 م

في خطوةٍ فاجأت العديد من المحللين، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية جديدة على واردات هندية بقيمة 65 مليار دولار؛ بحجة معاقبة نيودلهي على شرائها النفط الروسي.

وبينما ركزت وسائل الإعلام على الأثر المباشر لهذه الرسوم على الاقتصاد، يفتح القرار الباب أمام نقاش أوسع حول مستقبل الهند الاستراتيجي ومكانتها في النظام الاقتصادي العالمي، وهناك بعد آخر يظلُّ أقل وضوحًا "كيف يمكن للهند أن تحوّل هذه الصدمة إلى فرصة لتعزيز استقلالها الاستراتيجي وتعميق روابطها العالمية؟".

وبحسب موقع "بروجيكت سيندكيت"، فإن الولايات المتحدة تُعدُّ شريكًا تجاريًّا رئيسيًّا للهند، لكن معظم صادرات البلاد (أكثر من 85%) غير متأثرة مباشرة بهذه الرسوم؛ فالهند استفادت على مدى عقود من انفتاحها على الأسواق العالمية، ولا سيَّما في قطاع الخدمات، الذي تجاوزت قيمته السنوية 380 مليار دولار، ويشمل تكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية وأعمال التعهيد البحثي. هذا القطاع لا يخضع لأي رسوم، ويظل الركيزة الأساسية للنمو الاقتصادي الهندي.

أخبار ذات علاقة

b9ac1d5b-4d76-44e6-9a4d-f30a419eb33a

مدى نمو الاقتصاد الهندي يثير الشكوك

 
أم الفرص وراء الأزمة

الرسوم الأمريكية لا تحمل فقط أبعادًا اقتصادية، بل تُسلِّط الضوء على التحديات الاستراتيجية للهند؛ إذ تُواجه البلاد خيارَين: إما الانكفاء على الذات واعتماد سياسة اقتصادية مغلقة، أو استغلال الأزمة لتوسيع شبكة شركائها التجاريين. واتجهت الهند بالفعل نحو الخيار الثاني عبر توقيع اتفاقيات حرة مع المملكة المتحدة والمفاوضات الجارية مع الاتحاد الأوروبي، في محاولة لتعزيز استقلاليتها الاقتصادية والابتعاد عن الاعتماد على شريك واحد.

أخبار ذات علاقة

نتائج عكسية.. سياسات ترامب تُقوّي الصين

ترامب يعزل أمريكا.. الهند والبرازيل تتمرّدان بالتقارب مع الصين

 في صعيدٍ ذي صلة، تطرح الرسوم الأمريكية مسألة أعمق تتعلق بالمكانة الدولية للهند؛ فالانفتاح على أسواقٍ جديدة لا يعني مجرَّد تعزيز النمو، بل يمنح نيودلهي قدرةً أكبر على التوازن بين القوى العالمية المتصارعة، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، كما أن الاستفادة من الفرص الاقتصادية بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية تمنح الهند هامشًا أكبر في صياغة سياستها الخارجية واستراتيجيتها الدفاعية، وتثبت للعالم أنها لاعب قادر على حماية مصالحه بشكل مستقل.

وثمة دلائل على أن التوجه نحو الانفتاح لا يزال سائدًا؛ فاتفاقية التجارة الحرة التي وقّعتها الهند مؤخرًا مع المملكة المتحدة تُلزمها بتقليص الحواجز الحمائية، كما تُبرز استعداد الهند لتوطيد علاقاتها الاقتصادية مع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، على أساس المصلحة المتبادلة والاحترام المتبادل، ويأمل خبراء أن تسير المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاقية تجارية شاملة مع الاتحاد الأوروبي على نفس النهج، مما يُرسّخ للهند أكثر فأكثر مبادئ الانفتاح الاقتصادي.

ويُعتقد أن الانفتاح على شركاء متنوعين يضمن استمرار النمو الاقتصادي، ويحافظ على فرص التعليم والتوظيف، ويمنح المواطنين القدرة على مواجهة أزمات محتملة دون الاعتماد على سياسة دولة واحدة.

رسوم ترامب قد تكون في ظاهرها ضربة اقتصادية، لكنها تحمل في جوهرها فرصةً للهند لإعادة رسم استراتيجيتها الاقتصادية والعالمية؛ فالأزمة تُظهر أن الانفتاح المدروس على الأسواق الدولية، إلى جانب تعزيز القدرة الداخلية، قد يجعل الهند أكثر استقلالية وقوة على الساحة العالمية، مع ضمان التنمية المستدامة لمواطنيها.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC