قرارات جمركية مباغتة أطلقتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعادت خلط أوراق السياسة الدولية. رسوم بنسبة 50 % على الهند والبرازيل، دون مسار تفاوضي واضح، لم تُحاصر هذه الدول اقتصاديًا كما أُريد لها، بل دفعتها إلى تقارب استراتيجي مع الصين، الخصم الأبرز للولايات المتحدة على الساحة العالمية.
وفقاً لصحيفة لوموند، فإن الهند، التي استُهدفت بسبب استمرارها في استيراد النفط الروسي، فتحت أبوابها للدبلوماسية الصينية. لقاءات رفيعة، رسائل تضامن، وخطاب سياسي مشترك يضع واشنطن خارج دائرة الثقة. في موازاة ذلك، اتجهت البرازيل نحو تعزيز علاقتها ببكين وموسكو، كردّ مباشر على الضغوط الأمريكية، لم يبدُ الأمر انفعالًا سياسيًا مؤقتًا، بل تحوّلًا في قواعد التموضع الإقليمي والدولي.
الجنوب العالمي لا يتحرك بردود فعل عشوائية. الرسائل القادمة من نيودلهي وبرازيليا تعبّر عن وعي جديد بتعدد الأقطاب، وسعي للخروج من التبعية الاقتصادية والسياسية. الصين، بعرضها للشراكة دون شروط إيديولوجية أو ابتزازات، تمثّل نقطة جذب متصاعدة.
في الخلفية، يبدو أن واشنطن تخسر موقعها القيادي أمام تكتلات بديلة تنمو بهدوء وفعالية. سياسة التلويح بالعقوبات تفقد فاعليتها عندما تتحوّل إلى أداة عشوائية تطال الأصدقاء قبل الخصوم. التحالفات لم تعد تُبنى على الولاء السياسي، بل على المصلحة المتبادلة، والقدرة على مقاومة الهيمنة.
النتيجة ليست فقط تغيرًا في العلاقات الثنائية، بل بداية انزياح في موازين القوى، يُنذر بولادة نظام عالمي جديد يتجاوز مركزية القرار الأمريكي.
