أعلن الأدميرال داريل كودل، قائد العمليات البحرية الأمريكية، في سيول، أن الولايات المتحدة تتوقع من كوريا الجنوبية نشر الغواصات النووية الجديدة لتعزيز قدراتها البحرية العالمية، وليس الاكتفاء بدور إقليمي.
جاء تصريح كودل بعد ساعات من إصدار بيان مشترك بين البلدين، أكد فيه الجانب الأمريكي موافقته رسميًا على بناء غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية، في خطوة وصفها كودل بأنها "لحظة تاريخية" لكلا الحليفين، وفق وكالة "بلومبرغ".
رغم هذا الإنجاز الكبير لكوريا الجنوبية بعد سنوات من المفاوضات، يكشف تصريح كودل عن اختلاف في الرؤية بين سيول وواشنطن، إذ كانت كوريا الجنوبية تصر على أن الهدف الرئيسي من الغواصات هو تعزيز الردع ضد كوريا الشمالية، بينما ترى الولايات المتحدة أن استخدامها يجب أن يركز على مواجهة التوسع البحري السريع للصين.
وأضاف كودل أن هذه الغواصات ستساعد كوريا الجنوبية على الانتقال من دور "بحرية إقليمية" إلى "بحرية عالمية"، مؤكدًا أن نشرها يمثل مسؤولية متوقعة من حليف رئيسي للولايات المتحدة.
التحديات القانونية والفنية والسياسية
يواجه مشروع الغواصات النووية عدة تحديات، أبرزها التوافق مع الاتفاق الكوري الأمريكي الخاص بالطاقة النووية، والذي يمنع استخدام الوقود النووي لأغراض عسكرية.
كما توجد خلافات حول مكان بناء الغواصات، نوعها، وما إذا كان ينبغي أن تحصل الولايات المتحدة على بعض السفن مجانًا ضمن الصفقة، وفقًا لمصادر مطلعة.
أشار كودل إلى أن بناء الغواصات النووية سيستغرق سنوات عديدة، وأن العملية لن تكون سريعة، وهو ما يعكس التحديات التقنية والقانونية والسياسية التي قد تعيق المشروع.
كما أن أي خطوة نحو نشر هذه الغواصات تتطلب توازنًا دبلوماسيًا دقيقًا، خصوصًا مع ضرورة التوفيق بين الردع الإقليمي والحفاظ على علاقات مستقرة مع الصين.
الاستراتيجية الأمريكية
يأتي الإعلان عن الغواصات في وقت حساس بالنسبة لسيول، التي تسعى لتعزيز علاقاتها مع بكين، في وقت يبدي فيه الرئيس الصيني شي جين بينغ استعداد بلاده لتعميق التعاون مع كوريا الجنوبية.
وهذا يعكس تعقيد المهمة أمام سيول، التي تحتاج إلى بناء قدراتها العسكرية دون الإضرار بعلاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع الصين.
وبالنسبة للتهديدات الإقليمية، أوضح كودل أن القدرات البحرية لكوريا الشمالية ما زالت تُعتبر تهديدًا إقليميًا، وليس مباشرًا للولايات المتحدة، مضيفًا أن بيونغ يانغ لا تزال بعيدة عن امتلاك صواريخ باليستية تطلق من غواصات بطريقة موثوقة.
وعن جاهزية البحرية الأمريكية، أشار كودل إلى أن تمديد فترة نشر حاملة الطائرات "جيرالد ر. فورد" في أمريكا اللاتينية قد يؤثر على صيانة السفن واستعدادها العملياتي، مؤكدًا ضرورة الالتزام بمدة النشر المحددة لتجنب أي تأثير سلبي على القوة البحرية.
يُظهر المشروع الأمريكي لكوريا الجنوبية أن واشنطن ترغب في أن تصبح سيول لاعبًا بحريًا إقليميًا وعالميًا في الوقت نفسه، وأن الغواصات النووية ليست مجرد وسيلة لمواجهة كوريا الشمالية، بل جزء من استراتيجية أوسع لمواجهة التوسع البحري الصيني.
ومع ذلك، ستظل التحديات التقنية والسياسية والدبلوماسية أمام المشروع كبيرة، ما يجعل عملية تنفيذ الغواصات النووية تجربة طويلة ومعقدة، تتطلب تنسيقًا مستمرًا بين الحليفين.