تستمر المعارك العنيفة بين متمردي حركة "إم 23" المدعومة من رواندا، وقوات الكونغو الديمقراطية التي تسعى إلى منع استيلاء المسلحين على مزيد من المدن.
ويحضر الصراع الدموي ليذكّر بموقع الدول الغربية الكبرى مما يحدث في هذا البلد الغني بالمعادن النادرة.
ورغم نفي وزير الخارجية الرواندي أوليفييه ندوهونجيرهي، وجود وحدات أو جنود لجيش بلاده داخل أراضي الكونغو الديمقراطية، إلا أن واشنطن وباريس والأمم المتحدة تتهم كيغالي دون أن تذكرها بالاسم بدعم حركات التمرد.
وفي حين تزعم حركة "إم 23" أن نضالها مدفوع بمظالم تتعلق بالتمييز ضد مجتمعات التوتسي في المنطقة، تتهم الكونغو الديمقراطية رواندا بالرغبة في الاستفادة من المعادن الوفيرة في المنطقة، بما في ذلك الذهب والكولتان والنحاس والكوبالت، ودعت إلى اتخاذ إجراءات أقوى من جانب الأمم المتحدة.
وتسيطر الصين على 15 منجما من أصل 19 منجما لمادة الكوبالت في البلاد، وهو ما دفع بمراقبين إلى تحميل الغرب وخصوصا الولايات المتحدة وفرنسا المسؤولية بالوقوف وراء التوترات في إطار الصراع مع بكين على ثروات أفريقيا.
ويعد "ممر لوبيتو" خط السكة الحديدية كلمة السر في الصراع الغربي الصيني، وهو المشروع الذي اعتبر ردا أمريكيا على طريق الحرير الصيني بأفريقيا.
وعرضت واشنطن توسيع استثمارها في "ممر لوبيتو" ليشمل شرق الكونغو المضطرب كحافز للتوصل إلى اتفاق سلام، لكن رواندا لم تكن مهتمة برؤية التجارة تمر عبر الكونغو الديمقراطية والساحل الأطلسي، بل إنها تريد أن تمر التجارة عبرها.
ويضم الممر خط سكة حديد بطول 1300 كيلومتر من ميناء لوبيتو على الساحل الأنغولي الأطلسي إلى مدينة لوآو على الحدود الشمالية الشرقية لأنغولا مع الكونغو، إلى مدينة كولويزي بالقرب من شمال غرب زامبيا.
ويمتد خط السكة الحديدية لمسافة 400 كيلومتر داخل الكونغو إلى مدينة كولويزي للتعدين.
وبحسب الشركاء الأوروبيين والأمريكيين، الذين يستثمرون بكثافة في البنية الأساسية، فإن خط السكة الحديدية يهدف إلى تسريع نقل المعادن مثل الكوبالت والنحاس ومواجهة النفوذ الصيني في المنطقة.
وقد قدرت وكالة الطاقة الدولية أنه بين عامي 2020 و2040، سيزداد الطلب على النيكل والكوبالت بمقدار 20 مرة، وعلى الغرافيت 25 مرة، وعلى الليثيوم أكثر من 40 مرة، وهو ما وضع ممر لوبيتو في قلب هذا التدافع حيث تعد الكونغو الديمقراطية أهم دولة في هذا التنافس.
وكشف مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث أمريكي متخصص في السياسة الخارجية والشؤون الدولية، أن الشركات المرتبطة بالصين تسيطر على معظم مناجم الكوبالت واليورانيوم والنحاس المملوكة للأجانب في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
لكن العلاقات تغيّرت مع صعود الرئيس فيليكس تشيسكيدي إلى السلطة في كينشاسا، والذي حل محل جوزيف كابيلا عام 2019، إذ أصبحت الكونغو أقرب من الولايات المتحدة.
وفي العام نفسه، وقعت جمهورية الكونغو الديمقراطية اتفاقية تعاون عسكري مع الولايات المتحدة تضمنت تدريب ضباط كونغوليين في الولايات المتحدة.
وفي عام 2024، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على متمردي تحالف نهر الكونغو الذي تعد حركة "إم 23" جزءا منه، متهمة إياهم بالرغبة في الإطاحة بحكومة كينشاسا وتأجيج الصراع في شرق الدولة الأفريقية.
وبعد شهر، اتهم تشيسكيدي سلفه كابيلا علنًا بدعم المتمردين بهدف "التحضير لتمرد".
ويعتقد سياسيون في الكونغو أن المتمردين يريدون منع تشيسكيدي من التقارب المحتمل مع واشنطن، مع كل ما سيتبعه ذلك من استغلال الإمكانات المعدنية الهائلة التي تتمتع بها البلاد.
ورفعت رواندا والصين مستوى العلاقات إلى مرتبة الشراكة الاستراتيجية في سبتمبر الماضي، وفي ديسمبر أشاد الرئيس بول كاغامي علنا بدور الصين في أفريقيا.